خلقه سبحانه الأشياء بمشيئته إنما يكون وفقا لما علمه منها بعلمه القديم ولما كتبه وقدره في اللوح المحفوظ، وأن للعباد قدرة وإرادة تقع بها أفعالهم، وأنهم الفاعلون حقيقة لهذه الأفعال باختيارهم، وأنهم لهذا يستحقون عليها الجزاء إما بالمدح والمثوبة وإما بالذم والعقوبة، وأن نسبة هذه الأفعال إلى العباد فعلا لا ينافي نسبتها إلى الله إيجادا وخلقا لأنه هو الخالق لجميع الأسباب التي وقعت بها، وقد خالف في هذا:
أولا: الجهمية الجبرية: فقد سلبوا عن العبد قدرته وإرادته، فالعبد عندهم كالريشة المعلقة في الهواء، وتأثر بهم أيضا الأشعرية حيث قالوا إن العبد غير مختار في فعله، وكسب الأشعرية معروف لأنه جبر متطور لأن معنى الكسب عندهم هو: (أن العبد إذا صمم عزمه فالله تعالى يخلق الفعل عنده، والعزم أيضا فعل يكون واقعا بقدرة الله تعالى، فلا يكون للعبد في الفعل مدخل على سبيل التأثير وإن كان له مدخل على سبيل الكسب، والحق أن الكسب عند الأشاعرة هو تعلق القدرة الحادثة بالمقدور في محلها من غير تأثير) .
ثانيا: القدرية المعتزلة: وهؤلاء يقولون إن للعبد قدرة وإرادة مطلقتين مستقلتين عن الله تعالى، قال القاضي عبد الجبار: (إن أفعال العباد غير