بقوله: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي} [1] فإن مرتبة عين اليقين، فوق مرتبة علم اليقين، وكذا ورد " ليس الخبر كالمعاينة " وإن قال بعضهم: لو كشف الغطاء ما ازددت إلا يقيناً، يعني أصل اليقين، لمطابقة علم اليقين في ذلك الحين، وهو لا ينافي زيادة اليقين عند الرؤية، كما هو مُشاهَد لمن له علم بالكعبة في الغيبة، ثم حصل له المشاهدة في عالم الحضرة، وعلى هذا فالمراد بالزيادة والنقصان القوة والضعف، فإن التصديق بطلوع الشمس أقوى من التصديق بدحوث العالم، وإن كانا متساويين في أصل تصديق المؤمن به.
ونحن نعلم قطعاً أن إيمان آحاد الأمة، ليس كإيمان النبي صلى الله عليه وسلم، ولا كإيمان أبي بكر الصديق رضي الله عنه، باعتبار هذا التحقيق وهذا معنى ما ورد: لو وُزن إيمان أبي بكر الصديق رضي الله عنه بإيمان جميع المؤمنين لرجح إيمانه، يعني لرجحان إيقانه، ووقار جنانه، وثبات اتقانه، وتحقيق عرفانه، لا من جهة ثمرات الإيمان، من زيادات الإحسان، لتفاوت أفراد الإنسان من أهل الإيمان في كثرة الطاعات وقلة العصيان، وعكسه في مرتبة النقصان مع بقاء أصل وصف الإيمان في حق كلٍّ منهما بنعت الإيقان، فالخلاف لفظي بين أرباب العرفان[2] اهـ.
ويتلخص توجيهه لكلام أبي حنيفة في أن المراد بالإيمان الذي لا يزيد ولا ينقص هو أقصى درجات اليقين، الذي ليس بعده إلا الشك، فهو الذي يتساوى فيه الناس وهو الذي لا يزيد ولا ينقص، أو أن المراد لا يزيد ولا ينقص باعتبار الشيئ المؤمَن به. وقد أجابوا عن الآيات المصرِّحة بالزيادة مثل قوله تعالى: {وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانا} أن معناها زادتهم إيقاناً، لأن اليقين درجات، أو أن ذلك مؤول بأن المراد زيادة الإيمان بزيادة نزول المؤمَن به أي القرآن [3]. [1] البقرة: 260. [2] علي القاري، شرح الفقه الأكبر، ص87، ط مطبعة الحلبي، مصر، سنة 1375هـ ـ 1955م. [3] المصدر نفسه.