الكبيرة لا يخرج من الإيمان بل هو في مشيئة الله، إن شاء عذبه، وإن شاء عفا عنه، نزاع لفظي، لا يترتب عليه فساد اعتقاد " [1].
وبهذا القدر نكتفي في بيان مذهب الإمام أبي حنيفة في الإيمان، الذي نلخصه في النقاط التالية:
1 ـ أن الإيمان تصديق وإقرار، والعمل خارج عنه ومغاير له.
2 ـ ملازمة الإسلام للإيمان مع افتراق مفهوميهما.
3 ـ أن الإيمان لا يزيد ولا ينقص، وأهله متساوون فيه.
4 ـ أن مرتكب الكبيرة تحت المشيئة، إن شاء الله عذبه، وإن شاء غفر له، مع بقاء إيمانه. وإن عذبه فإنه لا يخلده في النار.
أبو حنيفة ومذهب الإرجاء:
وبعد، فقد رمى جماعة من العلماء أبا حنيفة بالإرجاء، وعدوه من جملة المرجئة. ومن هؤلاء العلماء الذين وجّهوا هذا الاتهام إلى الإمام أبي حنيفة، شيخ الإسلام ابن تيمية في كتاب ((الإيمان)) [2]، والإمام أبو الحسن الأشعري في ((المقالات)) [3]. وقد برّروا موقفهم هذا من أبي حنيفة بأنه جعل الإيمان تصديقاً وإقراراً فقط، وأخّر العمل عن الركنية فيه. وأبو الحسن الأشعري يقول بأنه جعله معرفة وإقراراً. فإذا كان أبو حنيفة قد أخر العمل عن الركنية في الإيمان، ولم يجعله جزءاً منه، وقال: الإيمان لا يزيد ولا ينقص، والناس فيه سواء، وهذا بعينه ما ذهبت إليه المرجئة فأبو حنيفة لهذا مرجئ، هذا ما قاله من اتهم أبا حنيفة بالإرجاء. [1] شرح العقيدة الطحاوية، ص312، ط المكتب الإسلامي للطباعة والنشر. [2] انظر: كتاب الإيمان لابن تيمية، ص163، ط المكتب الإسلامي للطباعة والنشر. [3] انظر: مقالات الإسلاميين للأشعري، ج1 ص219، تحقيق محمد محي الدين عبد الحميد، ط2 سنة 1389هـ.