لا يُسمى الآن بهذا الاسم إلا المشتغل به دون من سبق منه الإسلام، ومتى قيل كذا، قلنا: يلزم على هذا أن لا نسمي أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم الآن مسلمين حقيقة، وقد عرف خلاف ذلك، وكان يجب أيضاً أن لا يزول هذا الاسم بالندم وغيره، وقد عرف خلافه [1] اهـ. (بتصرف) .
ثم استدل بعد ذلك على هذا النقل ـ أي نقل اسم الإسلام من معناه اللغوي إلى معناه الشرعي الجديد ـ استدل بقوله تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ} [2]، فقال: سمى هذه الجُمل دِيناً، ثم بين في آية أخرى أن الدين عند الله الإسلام، ولو كان مُبقى على أصل اللغة لم يصح ذلك، لأنه في الأصل غير مستعمل في إقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة، وهذا كما يدل على أنه غير مُبقى على الأصل، فإنه يدل على أنه لا يجوز إجراؤه إلا على من يستحق المدح والتعظيم كالمؤمن سواء [3].
وقال أيضاً: ومما يدل على أن الدين والإسلام واحد قوله تعالى: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْأِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ} [4] والمعلوم أنه لو اتخذ الإيمان ديناً لقُبل منه [5].
فالآية الأولى استدل بها على أن الإسلام نقل من معناه اللغوي المعروف إلى معنى شرعي فيه انقياد مخصوص ووجه الاستدلال واضح من كلامه. أما هذه الآية الثانية فقد استدل بها على الترادف بين الإيمان والإسلام الشرعيين، ووجه ذلك أن الله تبارك وتعالى صرَّح في الآية بأن أيَّ دين غير دين الإسلام فهو مردود مرفوض ولا أحد ينكر أن من اتخذ الإيمان ديناً أن ذلك مقبول بدون جدال، فدل ذلك على اتحاد معنى الإيمان والإسلام، واندراجهما تحت كلمة دين. [1] المصدر السابق، ولا يخفى ما في هذا الكلام من تلاعب بالألفاظ ولكن المنهج العقلي عندهم يبرر كل قول يريدونه ويقتنعون به. [2] البينة: 5. [3] عبد الجبار بن أحمد، المصدر السابق ص706. [4] آل عمران: 85. [5] المصدر السابق.