ومن أدلتهم على الترادف أيضاً قوله تعالى: {فَأَخْرَجْنَا مَنْ كَانَ فِيهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ} ، قال عبد الجبار: فلو لم يكن أحدهما هو الآخر لكان لا يصح الاستثناء على هذا الوجه.
ويقول أيضاً في كتابه ((متشابه القرآن)) في بيان المراد من قوله تعالى: {قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا} ، يقول: فإنه لا يدل على أن الإيمان غير الإسلام، وذلك أن المراد بهذا الكلام أنهم لم يؤمنوا في الحقيقة، وانقادوا واستسلموا، فذكر تعالى في حالهم ما ذكره يبين ذلك أنه تعالى قال: {وَلَمَّا يَدْخُلِ الْأِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ} ومن لم يدخل الإيمان في قلبه البتة لا يكون مسلماً عند أحد إلا بعض المتأخرين فإنه يقول في مظهر الشهادتين أنه مسلم، لكنه لا يقول مع ذلك أنه مؤمن أيضاً، فلا يقدح خلافه فيما ذكرناه.
إلى غير ذلك مما استدل به القوم على ما ذهبوا إليه من القول بالترادف بين الإيمان والإسلام، من حيث الحقيقة الشرعية، فكما أن الإيمان تصديق وقول وعمل، فكذلك الإسلام وكما أن الإيمان يزيد وينقص، على ما سنبين من مذهبهم في ذلك فكذلك الإسلام يزيد وينقص، وكما أن اسم الإيمان يُسلَب كلية عن مرتكب الذنب الكبير، فكذلك اسم الإسلام. ومذهبهم هذا ـ أي القول بالترادف بين الإيمان والإسلام قد تقدم في بيان مذهب السلف في هذه الناحية أنه أحد أقوالهم. وأدلة القائلين بالترادف من السلف وغيرهم متقاربة، والله أعلم.