وقوله تعالى: {وَلَمَّا يَدْخُلِ الْأِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ} [1]، وقوله سبحانه: {وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْأِيمَانِ} [2]، وقوله صلى الله عليه وسلم: " اللهم ثبت قلبي على دينك ". حيث نسب فيها وفي نظائرها الغير محصورة الإيمان إلى القلب، فدل ذلك على أنه فعل القلب وهو التصديق [3].
ثم ذكر الإيجي بعد ذلك دليلهم على خروج العمل عن الإيمان حيث قال: " والعمل خارج عنه، لمجيئه مقروناً بالإيمان معطوفاً عليه في عدة مواضع من الكتاب، كقوله تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} [4] فإن الجزء لا يُعطف على كله، فلا يقال: جاءني القوم وأفرادهم ولا عندي العشرة وآحادها " [5].
غير أنهم قالوا إن الإيمان قد يُطلق على العمل إطلاقاً مجازياً [6] وعلى ذلك جرى توجيههم للآيات والأحاديث التي ورد فيها إطلاق الإيمان على العمل ثم إنهم لما ذهبوا إلى القول بأن الإيمان هو التصديق، وكان ثمة التباس في أن التصديق هو المعرفة، فيوافقون بذلك الجهمية، أو أنه يختلف عنها فيكونون قد سلكوا طريقاً غير طريقهم، وقالوا بغير مذهبهم. ودفعاً لهذا التوهم في موافقة المعرفة للتصديق الذي قد يحمل بعض العلماء على إدخالهم في زمرة الجهمية القائلة بأن الإيمان هو المعرفة، كما فعله ابن تيمية وابن حزم ـ رحمهما الله ـ، فرَّقوا بين الأمرين بأن الأمرين المتطابقين ضدهما واحد، وضد المعرفة غير ضد التصديق، لأن ضد المعرفة النكارة وضد التصديق التكذيب، واختلاف الضدين دليل على اختلاف كل من المعرفة والتصديق، فبين المعنيين فرق شاسع، وأيضاً فإن التصديق عبارة عن [1] الحجرات: 14. [2] النحل: 106. [3] انظر: العقائد للإيجي، ج2 ص286. [4] الرعد: 29. [5] الإيجي، المصدر السابق. [6] انظر: غاية المرام في علم الكلام للآمدي، ص311، تحقيق حسن محمود عبد اللطيف.