عباراتهم المستعملة في أربع: قول وعمل، وقول وعمل ونية، وقول وعمل واتباع السنة، وقول باللسان، واعتقاد بالقلب، وعمل بالجوارح [1].
وقد بيَّن شيخ الإسلام ـ رحمه الله ـ مقصود السلف في عباراتهم هذه بقوله: " والمقصود هنا، أن مَن قال من السلف: الإيمان قول وعمل، أراد قول القلب واللسان، وعمل القلب والجوارح، ومن أراد الاعتقاد رأى أن لفظ القول لا يُفهَم منه إلا القول الظاهر، أو خاف ذلك فزاد الاعتقاد بالقلب.
ومن قال: قول وعمل ونية، قال: القول يتناول الاعتقاد وقول اللسان، وأما العمل فقد لا يُفهَم منه النية، فزاد ذلك. ومن زاد اتباع السنة، فلأن ذلك كله لا يكون محبوباً لله إلا باتباع السنة، وأولئك لم يريدوا كل قول وعمل، إنما أرادوا ما كان مشروعاً من الأقوال، والأعمال، ولكن كان مقصودهم الرد على المرجئة الذين جعلوه قولاً فقط، فقالوا: بل هو قول وعمل. والذين جعلوه أربعة، بينوا مرادهم، كما سُئل سهل بن عبد الله التستري عن الإيمان ما هو فقال: قول وعمل ونية وسنة، لأن الإيمان إذا كان قولاً بلا عمل، فهو كفر، وإذا كان قولاً وعملاً بلا نية فهو نفاق، وإذاك كان قولاً وعملاً ونية لا سنة فهو بدعة " [2]. وبهذا البيان الشافي من شيخ الإسلام، يندفع ما قد يتوهم من خلاف بين عبارات السلف، لأنها جميعها تلتقي عند مفهوم واحد، فجميعهم يقولون لا بدَّ من تصديق القلب وإظهار هذا التصديق بالقول باللسان، ثم التصديق العملي لذلك، بالقيام بعمل ما أوجبه الله ورسوله من الأعمال الظاهرة، والباطنة، واجتناب ما نهى الله ورسوله عنه منها، وفق الكتاب والسنة، كما قال محمد بن الحسين الآجري: " ثم اعلموا أنه لا تجزئ المعرفة بالقلب، والتصديق إلا أن يكون معه الإيمان باللسان نطقاً، ولا تجزئ معرفة بالقلب ونطق باللسان، حتى يكون عمل بالجوارح، فإذا كملت فيه هذه الثلاث الخصال كان مؤمناً " [3]. [1] ابن تيمية، أحمد بن عبد الحليم، كتاب الإيمان ص 142 ط المكتب الإسلامي بدمشق. [2] ابن تيمية، أحمد بن عبد الحليم، المصدر السابق ص 143. [3] الآجري، أبو بكر محمد بن الحسين،كتاب الشريعة، بتحقيق محمد حامد الفقي، ص119 ط1 بمطبعة السنة المحمدية سنة 1369هـ ـ 1950م.