ضبطها اختلافاً كثيراً، ذكره الإمام النووي في شرحه لصحيح مسلم، وإليك عرضاً لهذه الآراء:
1 ـ روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: الكبائر كل ذنب ختمه الله تعالى بنار، أو غضب، أو لعنة، أو عذاب. ونحو هذا عن الحسن البصري.
2 ـ وقال آخرون: هي ما أوعد الله عليه بنار، أو حدّ في الدنيا.
3 ـ وقال أبو حامد الغزالي في ضبط الكبيرة: إن كل معصية يقدم المرء عليها من غير استشعار خوف وحذار ندم، كالمتهاون بارتكابها والمتجرئ عليه اعتياداً، فما أشعرَ بهذا الاستخفاف والتهاون فهو كبيرة، وما يحمل على فلتات النفس أو اللسان وفترة مراقبة التقوى، ولا ينفك عن تندم يمتزج به تنغيص التلذذ بالمعصية، فهذا لا يمنع العدالة، وليس هو بكبيرة.
4ـ وقال أبو عمرو بن الصلاح ـ رحمه الله ـ الكبيرة كل ذنب كبر وعظم عِظَماً يصح معه أن يُطلق عليه اسم الكبيرة، ووصف بكونه عظيماً على الإطلاق قال: فهذا حد الكبيرة، ثم لها إمارات منها إيجاب الحد، ومنها الإيعاد عليها بالعذاب بالنار ونحوها في الكتاب أو السنة، ومنها وصف فاعلها بالفسق نصاً، ومنها اللعن، كَلعن الله سبحانه وتعالى من غَيَّر منار الأرض.
5ـ وقال الشيخ أبو محمد بن عبد السلام ـ رحمه الله ـ: إذا أردت معرفة الفرق بين الصغيرة والكبيرة فاعرض مفسدة الذنب على مفاسد الكبائر المنصوص عليها، فإن نقصت عن أقل مفاسد الكبائر فهي من الصغائر، وإن ساوت أدنى مفاسد الكبائر أو ربَتْ عليه فهي من الكبائر … وقد ضبط بعض العلماء الكبائر بأنها كل ذنب قُرِن به وعيد، أو حد، أو لعن. فعلى هذا كل ذنب علم أن مفسدته كمفسدة ما قُرِن به الوعيد أو الحد أو اللعن أو أكثر من مفسدته فهو كبيرة. ثم قال: والأَوْلى أن تُضبط الكبيرة بما