يُشعِر بتهاون مرتكبها في دينه، إشعار أصغر الكبائر المنصوص عليها.
6ـ وقال الإمام أبو الحسن الواحدي المفسر، وغيره: الصحيح أن حدّ الكبيرة غير معروف، بل ورد الشرع بوصف أنواع من المعاصي بأنها كبائر، وأنواع بأنها صغائر، وأنواع لم تُوصف، وهي مشتملة على صغائر وكبائر، والحكمة في عدم بيانها أن يكون العبد ممتنعاً من جميعها مخافة أن تكون من الكبائر. قالوا: وهذا شبيه بإخفاء ليلة القدر، وساعة يوم الجمعة، وساعة إجابة الدعاء من الليل، واسم الله الأعظم، ونحو ذلك مما أخفى[1]، والله أعلم.
وهذه الآراء التي عرضها الإمام النووي ذكر بعضاً منها شارح العقيدة الطحاوية، ومال إلى القول برجحان الأول منها[2]. كما ذكرها ـ وعليها مزيد ـ ابن القيم في مدارج السالكين [3]. ومهما يكن من تعدد الآراء حول التفريق بين الصغائر والكبائر فإن جميعها متقاربة، ومتداخلة، ولكنني أرى أن المبدأ الذي يجب أن يُقَرر ويُتّخَذ مقياساً ما ورد عن عمر وابن عباس رضي الله عنهم من أنه لا كبيرة مع استغفار، ولا صغيرة مع إصرار. ومعناه أن الكبيرة تُمحى بالاستغفار والصغيرة تكون كبيرة بالإصرار. قال الشيخ أبو محمد بن عبد السلام في حد الإصرار: هو أن تتكرر منه الصغيرة تكراراً يُشعر بقلة مبالاته بدينه، إشعار ارتكاب الكبيرة بذلك، قال: وكذلك إذا اجتمعت صغائر مختلفة الأنواع بحيث يُشعر مجموعها بما يُشعر به أصغر الكبائر[4].
فالصغيرة قد يقترن بها من قلة الحياء وعدم المبالاة وترك الخوف، [1] النووي، شرح صحيح مسلم، ج2ص85-86، ط المطبعة المصرية بدون تاريخ. [2] شرح العقيدة الطحاوية ص355-356. [3] النظر: مدارج السالكين لابن القيم، ج1 ص320-327، ط المطبعة السنة المحمدية سنة 1375هـ ـ 1956م. [4] النووي، شرح صحيح مسلم، ج2ص86-87.