((المسايرة بشرح المسامرة)) وعزاه إلى أبي البركات عبد الله بن محمد بن محمود النسفي من الأحناف كما ذكر أن هذا القول هو بعينه المختار عند الأشاعرة [1].
فإذاً يوجد من أصحاب أبي حنيفة من خالفه في ركنية الإقرار واختار رأي الأشاعرة من أن التصديق كافٍ في الإيمان، وإنما الإقرار شرط لإجراء أحكام الدنيا عليه، من الصلاة خلفه وعليه ودفنه في مقابر المسلمين، وعصمة الدم والمال، ونكاح المسلمة ونحو ذلك من الأحكام.
أما أبو حنيفة فهو ـ كما تقدم ـ قد أخذ الأمرين جميعاً، أعني التصديق والإقرار وجعلهما ركني الإيمان.
والفرق بين الرأيين:
إن أبا حنيفة ومن ذهب مذهبه يرون أن الإقرار ركن أصلي في الإيمان إذا كان الإنسان قادراً على الوفاء به فلا عذر، ولا اعتبار لتصديقه أبداً إذا لم يُقرّ بلسانه، وإنما يُعتبر تصديقه القلبي كافياً إذا لم يستطع الإقرار لعذر كما تقدم بيانه.
أما الرأي الآخر الذي قال به بعض أصحابه من أن الإقرار شرط لا شطر، فإنه يعتبر التصديق كافياً في اعتبار الإيمان عند الله تعالى، إذا أخلَّ المؤمن بشرط الإقرار، وإنما الإقرار يُعتبر بياناً ودليلاً على ما وَقَرَ في قلبه من إيمان يحملنا، بل ويحتم علينا معاملته كما يعامل بقية المسلمين، فيجب الإتيان بالإقرار لهذا الغرض فحسب.
أما العمل:
فلم يجعله أبو حنيفة من أركان الإيمان، وجعله مغايراً له، كما قال ـ رحمه الله ـ في ((الوصية)) : " والإيمان غير العمل، والعمل غير الإيمان. [1] المسايرة بشرح المسامرة، ص333-334، ط مطبعة السعادة، مصر، بدون تاريخ.