نام کتاب : الإيمان نویسنده : ابن تيمية جلد : 1 صفحه : 353
والمكروهة مستقبلة. فهو يرجو أن يكون الله تقبل عمله فيثيبه عليه فيرحمه في المستقبل. ويخاف ألا يكون تقبله فيحرم ثوابه، كما يخاف أن يكون الله قد سخط عليه في معصيته فيعاقبه عليها.
وإذا كان الإنسان يسعى فيما يطلبه كتاجر أو بريد أرسله في حاجته يقضيها في بعض الأوقات، فإذا مضى ذلك الوقت يقول: أرجو أن يكون فلان قد قضى ذلك الأمر، وقضاؤه ماض، لكن ما يحصل لهذا من الفرح والسرور وغير ذلك من مقاصده مستقبل، ويقول الإنسان في الوقت الذي جرت عادة الحاج بدخولهم إلى مكة: أرجو أن يكونوا دخلوا، ويقول في سرية بعثت إلى الكفار: نرجو أن يكون الله قد نصر المؤمنين وغنمهم، ويقال في نيل مصر عند وقت ارتفاعه: نرجو أن يكون قد صعد النيل، كما يقول الحاضر في مصر مثل هذا الوقت: نرجو أن يكون النيل في هذا العام نيلاً مرتفعًا، ويقال لمن له أرض يحب أن تمطر، إذا مطرت بعض النواحي: أرجو أن يكون المطر عامًا، وأرجو أن تكون قد مطرت الأرض الفلانية، وذلك لأن المرجو هو ما يفرح بوجوده ويسره، فالمكروه ما يتألم بوجوده.
وهذا يتعلق بالعلم، والعلم بذلك مستقبل، فإذا علم أن المسلمين انتصروا، والحاج قد دخلوا، أو المطر قد نزل، فرح بذلك وحصل به مقاصد أخر له، وإذا كان الأمر بخلاف ذلك لم يحصل ذلك المحبوب المطلوب، فيقول: أرجو وأخاف؛ لأن المحبوب والمكروه ما يتألم بوجوده.
وهذا متعلق بالعلم بذلك وهو مستقبل، وكذلك المطلوب بالإيمان من السعادة والنجاة، هو أمر مستقبل، فيستثنى في الحاضر بذلك؛ لأن المطلوب به مستقبل، ثم كل مطلوب مستقبل، تعلق بمشيئة الله وإن جزم بوجوده؛ لأنه لا يكون مستقبل إلا بمشيئة الله.
فقولنا: يكون هذا إن شاء الله، حق، فإنه لا يكون إلا إن شاء الله والشك واللفظ ليس فيه إلا التعليق، وليس من ضرورة التعليق الشك بل هذا بحسب علم المتكلم، فتارة يكون شاكًا وتارة لا يكون شاكًا، فلما كان الشك يصحبها كثيرًا لعدم علم الإنسان بالعواقب، ظن الظان أن الشك داخل في معناها،
نام کتاب : الإيمان نویسنده : ابن تيمية جلد : 1 صفحه : 353