نام کتاب : الإيمان نویسنده : ابن تيمية جلد : 1 صفحه : 354
وليس كذلك، فقوله: {لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِن شَاء اللَّهُ} [الفتح: 27] لا يتصور فيه شك من الله، بل ولا من رسوله المخاطب والمؤمنين؛ ولهذا قال ثعلب: هذا استثناء من الله وقد علمه، والخلق يستثنون فيما لا يعلمون. وقال أبو عبيدة وابن قتيبة: إنَّ إنْ بمعنى إذ، أي: إذ شاء الله، ومقصوده بهذا تحقيق الفعل ب [إن] كما يتحقق مع إذ. وإلا ف [إذا] ظرف توقيت، و [إن] حرف تعليق.
فإن قيل: فالعرب تقول: إذا احمر البُسْر فأتني، ولا تقول: إن احمر البسر.
قيل: لأن المقصود هنا توقيت الإتيان بحين احمراره، فأتوا بالظرف المحقق، ولفظ [إن] لا يدل على توقيت، بل هي تعليق محض تقتضي ارتباط الفعل الثاني بالأول، ونظير ما نحن فيه أن يقولوا: البسر يحمر ويطيب إن شاء الله، وهذا حق، فهذا نظير ذلك.
فإن قيل: فطائفة من الناس فروا من هذا المعنى وجعلوا الاستثناء لأمر مشكوك فيه، فقال الزجاج: {لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ} أي: أمركم الله به، وقيل: الاستثناء يعود إلى الأمن والخوف، أي: لتدخلنه آمنين، فأما الدخول فلا شك فيه. وقيل: لتدخلن جميعكم أو بعضكم؛ لأنه علم أن بعضهم يموت. فالاستثناء لأنهم لم يدخلوا جميعهم. قيل: كل هذه الأقوال وقع أصحابها فيما فروا منه مع خروجهم عن مدلول القرآن، فحرفوه تحريفًا لم ينتفعوا به. فإن قول من قال: أي: أمركم الله به، هو سبحانه قد علم، هل يأمرهم أو لا يأمرهم، فعلمه بأنه سيأمرهم بدخوله كعلمه بأن سيدخلوا، فعلقوا الاستثناء بما لم يدل عليه اللفظ، وعلم الله متعلق بالمظهر والمضمر جميعًا، وكذلك أمنهم وخوفهم، هو يعلم أنهم يدخلون آمنين أو خائفين، وقد أخبر أنهم يدخلون آمنين مع علمه بأنهم يدخلون آمنين، فكلاهما لم يكن فيه شك عند الله، بل ولا عند رسوله، وقول من قال: جميعهم أو بعضهم، يقال: المعلق بالمشيئة دخول من أريد باللفظ، فإن كان أراد الجميع، فالجميع لابد أن يدخلوه، وإن أريد الأكثر، كان دخولهم هو المعلق بالمشيئة، وما لم يرد لا يجوز
نام کتاب : الإيمان نویسنده : ابن تيمية جلد : 1 صفحه : 354