نام کتاب : الإيمان نویسنده : ابن تيمية جلد : 1 صفحه : 355
أن يعلق ب [إن] وإنما علق ب [إن] ما سيكون، وكان هذا وعدًا مجزومًا به، ولهذا لما قال عمر للنبي صلى الله عليه وسلم عام الحديبية: ألم تكن تحدثنا أنا نأتي البيت ونطوف به؟ قال: " بلى، قلت لك: إنك تأتيه هذا العام؟ " قال: لا، قال: " فإنك آتيه ومطوف به ".
فإن قيل: لِمَ لَمْ يعلق غير هذا من مواعيد القرآن؟
قيل: لأن هذه الآية نزلت بعد مرجع النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه من الحُدَيْبِيَةِ، وكانوا قد اعتمروا ذلك العام، واجتهدوا في الدخول، فصدهم المشركون، فرجعوا وبهم من الألم ما لا يعلمه إلا الله، فكانوا منتظرين لتحقيق هذا الوعد ذلك العام، إذ كان النبي صلى الله عليه وسلم وعدهم وعدًا مطلقًا، وقد روى أنه رأى في المنام قائلاً يقول: {لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِن شَاء اللَّهُ} [الفتح: 27] فأصبح فحدث الناس برؤياه، وأمرهم بالخروج إلى العمرة فلم تحصل لهم العمرة ذلك العام، فنزلت هذه الآية، واعدة لهم بما وعدهم به الرسول من الأمر الذي كانوا يظنون حصوله ذلك العام.
وكان قوله: {إِن شَاء اللَّهُ} هنا تحقيقًا لدخوله، وأن الله يحقق ذلك لكم، كما يقول الرجل فيما عزم على أن يفعله لا محالة: والله لأفعلن كذا إن شاء الله، لا يقولها لشك في إرادته وعزمه، بل تحقيقًا لعزمه وإرادته، فإنه يخاف إذا لم يقل: إن شاء الله، أن ينقض الله عزمه، ولا يحصل ما طلبه، كما في الصحيحين: أن سليمان عليه السلام قال: والله لأطوفن الليلة على مائة امرأة، كل منهن تأتي بفارس يقاتل في سبيل الله، فقال له صاحبه: قل: إن شاء الله، فلم يقل، فلم تحمل منهن إلا امرأة جاءت بشق رجل. قال النبي صلى الله عليه وسلم: " والذي نفسي بيده، لو قال: إن شاء الله، لجاهدوا في سبيل الله فرسانًا أجمعون " فهو إذا قال: إن شاء الله لم يكن لشك في طلبه وإرادته، بل لتحقيق الله ذلك له، إذ الأمور لا تحصل إلا بمشيئة الله، فإذا تألى العبد عليه من غير تعليق بمشيئته، لم يحصل مراده، فإنه من يتألى على الله يكذبه؛ ولهذا يروى: " لا أتممت لمقدر أمرًا ".
نام کتاب : الإيمان نویسنده : ابن تيمية جلد : 1 صفحه : 355