responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الإيمان نویسنده : ابن تيمية    جلد : 1  صفحه : 356
وقيل لبعضهم: بماذا عرفت ربك؟ قال: بفسخ العزائم ونقض الهمم، وقد قال تعالى: {وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا إِلاَّ أَن يَشَاء اللَّهُ} [الكهف: 23، 24] فإن قوله: لأفعلن، فيه معنى الطلب والخبر، وطلبه جازم، وأما كون مطلوبه يقع، فهذا يكون إن شاء الله. وطلبه للفعل يجب أن يكون من الله بحوله وقوته، ففي الطلب عليه أن يطلب من الله، وفي الخبر لا يخبر إلا بما علمه الله، فإذا جزم بلا تعليق، كان كالتألي على الله، فيكذبه الله، فالمسلم في الأمر الذي هو عازم عليه ومريد له وطالب له طلبًا لا تردد فيه يقول: إن شاء الله لتحقيق مطلوبه، وحصول ما أقسم عليه لكونه لا يكون إلا بمشيئة الله لا لتردد في إرادته، والرب تعالى مريد لإنجاز ما وعدهم به إرادة جازمة لا مثنوية فيها، وما شاء فعل، فإنه سبحانه ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن، ليس كالعبد الذي يريد ما لا يكون، ويكون ما لا يريد.
فقوله سبحانه: {أَن شَاء اللَّهُ} [الفتح: 27] ، تحقيق أن ما وعدتكم به يكون لا محالة بمشيئتي وإرادتي، فإن ما شئت كان وما لم أشأ لم يكن، فكان الاستثناء هنا لقصد التحقيق، لكونهم لم يحصل لهم مطلوبهم الذي وعدوا به ذلك العام، وأما سائر ما وعدوا به فلم يكن كذلك.
ولهذا تنازع الفقهاء فيمن أراد باستثنائه في اليمين هذا المعنى، وهو التحقيق في استثنائه لا التعليق: هل يكون مستثنيًا به، أم تلزمه الكفارة إذا حنث؟ بخلاف من ترددت إرادته فإنه يكون مستثنيًا بلا نزاع، والصحيح أنه يكون في الجميع مستثنيًا، لعموم المشيئة؛ ولأن الرجل وإن كانت إرادته للمحلوف به جازمة، فقد علقه بمشيئة الله، فهو يجزم بإرادته له، لا يجزم بحصول مراده، ولا هو أيضًا مريد له بتقدير ألا يكون، فإن هذا تمييز لا إرادة، فهو إنما التزمه إذا شاء الله، فإذا لم يشأه لم يلتزمه بيمينه، ولا حلف أنه يكون، وإن كانت إرادته له جازمة، فليس كل ما أريد التزم باليمين فلا كفارة عليه.
وقد تبين بما ذكرناه أن قول القائل: {أَن يَشَاء اللَّهُ} يكون مع كمال إرادته في حصول المطلوب، وهو يقولها لتحقيق المطلوب لاستعانته بالله في ذلك، لا

نام کتاب : الإيمان نویسنده : ابن تيمية    جلد : 1  صفحه : 356
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست