فمثال وقوعه في الدين: ما تقدم من اختراع الكفار، وتغييرهم ملة إبراهيم - عليه السلام - من نحوه قول تعالى: {مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلا سَائِبَةٍ وَلا وَصِيلَةٍ وَلا حَامٍ} [1] .
قال سعيد بن المسيب- رحمه الله-: البحيرة: التي يمنح درّها للطواغيت، فلا يحلبها أحد من الناس.
والسَّائبة: كانوا يسبونها لآلهتهم فلا يحمل عليها شيء.
والوصيلة: الناقة البكر، تُبكّر في أول نتاج الإبل بأنثى، ثم تثنى بعد بأنثى، وكانوا يُسيبونها لطواغيتهم إن وصلت إحداهما بالأخرى، ليس بينهما ذكر.
والحام: فحل الإبل يضرب الضراب المعدود، فإذا قضى ضرابه، ودعوه للطواغيت، وأعفوه من الحمل فلم يُحمل عليه شيء، وسموه الحامي [2] .
ففي الآية السابقة نفي لفعل أهل الجاهلية وتغييرهم ملة إبراهيم - عليه السلام-، حيث اخترعوا أشياء من أنفسهم، ونسبوه إلى الدين، وجعلوها من شعائرهم.
ومثال ما يقع في النفس: ما ذكر من نحل الهند في تعذيبها أنفسها بأنواع العذاب الشنيع والقتل بالأصناف التي تفزع منها القلوب، كل ذلك على استعجاب الموت لنيل الدرجات العلى بزعمهم. ومنها قتل العرب أولادهم في الجاهلية خشية الفقر أو العار، قال تعالى: {وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ} [3] .
وقال تعالى {وَإِذَا الْمَوْؤُودَةُ سُئِلَتْ*بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ} [4] . [1] -سورة المائدة: الآية103. [2] - رواه البخاري في صحيحه المطبوع مع فتح الباري (2/283) ، كتاب التفسير، حديث (4623) . [3] -سورة الاسراء: الآية31. [4] -سورة التكوير: الآيتان 8، 9.