وكذلك أهل الكلام المحدث من الجهمية والقدرية وغيرهم.
ولكن هؤلاء يعترفون بأنهم لا يعلمون التأويل، وإنما غايتهم أن يقولوا: ظاهر هذه الآية غير مراد، ولكن يحتمل أن يُراد كذا، وأن يُراد كذا. ولو تأولها الواحد منهم بتأويل معين، فهو لا يعلم أنه مُراد الله ورسوله، بل يجوز أن يكون مراد الله ورسوله عندهم غير ذلك؛ كالتأويلات التي يذكرونها في نصوص الكتاب والسنة كما يذكرونه في قوله تعالى: {وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفّاً صَفّاً} [1] ، و {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [2] ، و {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيماً} [3] ، و {وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ} [4] . وقوله صلى الله عليه وسلم: ((وينزل ربنا)) [5]) [6] .
السبب الثامن: الأخذ بغير ما اعتبره الشرع طريقاً لإثبات الأحكام:
ومن أسباب حدوث البدع، الأخذ بغير ما اعتبره الشرع طريقاً لإثبات الأحكام، ويتمثل هذا في الاستناد إلى رؤيا الرسول صلى الله عليه وسلم في النوم، وأخذ الأحكام عنه، ونشرها بين الناس، أو العمل بها دون نظر إلى موافقتها للشريعة أو عدم الموافقة، وهذا خطأ؛ لأنَّ الرؤيا من غير الأنبياء لا يحكم بها شرعاً على حال، حتى تعرض على ما في أيدينا من الأحكام الشرعية، فإن سوغتها، عُمِل بمقتضاها، وإلا وجب تركها والإعراض عنها، وإنَّما فائدتها البشارة أو النذارة خاصة، وأما استفادة الأحكام فلا [1] - سورة الفجر:22. [2] -سورة طه:5. [3] - سورة النساء:164. [4] - سورة الفتح: الآية6. [5] - رواه البخاري في صحيحه المطبوع مع فتح الباري (3/29) كتاب التهجد، حديث رقم (1145) ، ورواه مسلم في صحيحه (1/521) كتاب صلاة المسافرين وقصرها، حديث (758) . [6] - يُراجع: مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية (17/ 412-416) .