كما ذكر - رحمه الله - أن جميع الآيات الوارد فيها ذكر الوجه لله تعالى إنما هو دليل على ثبوته صفة له، كالآية السابقة سواء[1].
وبهذا المبدأ أخذ البيهقي - رحمه الله - إلا أنه يرى أن قوله تعالى: {وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْه الْلَّهِ} ليست من ذلك النوع، لأن معنى الوجه فيها ليس هو الصفة، بل يرى أن له معنى آخر. فأما أن يكون معنى الوجه في هذه الآية الجهة كما رواه عن الشافعي، أو القبلة كما هو رأي مجاهد. فأما أن يكون معناه الوجه الذي هو صفة الله فلا.
فقد قال رحمه الله بعد سوقه للأدلة التي أثبت بها الصفة: "وأما قوله: عز وجل {وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْه الْلَّهِ} فقد حكى المزني عن الشافعي رضي الله عنه أنه قال في هذه الآية يعني - والله أعلم - فثم الوجه الذي وجهكم الله إليه"[2].
كما ذكر بسنده عن مجاهد أنه قال في تفسير هذه الآية:"قبلة الله، فأينما كنت في شرق أو غرب فلا توجهن إلا إليها"[3].
وإنما أشار - رحمه الله - بذلك إلى أن هذه الآية ليست من آيات الصفات، لذلك ينبغي تفسيرها على أحد الرأيين السالفين، وهو تفسير لم يبتدعه البيهقي، بل رواه عن إمامين جليلين من أئمة السلف.
ولكن، هل ما رواه عن هذين الإمامين الشافعي ومجاهد من أن الوجه المذكور في هذه الآية، ليس هو الوجه الذي يراد به الصفة وبه [1] المصدر نفسه. [2] الأسماء والصفات ص: 309. [3] المصدر نفسه. وانظر: هذا التفسير عن مجاهد وقتادة في جامع البيان للطبري محمّد ابن جرير1/506.