أن اليد في تلك النصوص صفة حقيقية لله تبارك وتعالى بها خلق الله تعالى بعض مخلوقاته بدون واسطة تشريفاً لها على سائر الخلق.
وفي هذا المعنى يقول البيهقي -رحمه الله -:"فأما قوله عز وجل: {يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} فلا يجوز أن يحمل على الجارحة، لأن الباري جل جلاله واحد، لا يجوز عليه التبعيض، ولا على القوّة والملك والنعمة والصلة، لأن الاشتراك يقع حينئذ بين وليه آدم، وعدوه إبليس، فيبطل واذكر من تفضيله عليه لبطلان معنى التخصيص، فلم يبق إلا أن يحملا على صفتين تعلقتا بخلق آدم، تشريفاً له، دون خلق إبليس، تعلق القدرة بالمقدور، لا من طريق المباشرة، ولا من حيث المماسة وكذلك تعلقت بما روينا في الأخبار من خط التوراة وغرس الكرامة لأهل الجنة، وغير ذلك تعلق الصفة بمقتضاها فلم يجزحملها على غيرالصفة[1].
وقال في كتاب الاعتقاد: "وقال الله عز وجل: {مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} بتشديد الياء من الإضافة، وذلك تحقيق في التثنية وفي ذلك منع من حملهما على النعمة، والقدرة لأنه ليس لتخصيص التثنية في نعم الله ولا في قدرته معنى يصح، لأن نعم الله أكثر من أن تحصى ولأنه خرج مخرج التخصيص، وتفضيل آدم عليه السلام على إبليس وحملهما على القدرة أو على النعمة يزيل معنى التفضيل لاشتراكهما فيها ولا يجوز حملهما على الماء والطين، لأنه لو أراد ذلك لقال: لما خلقت من يدي، كما يقال: صنعت هذا الكوز من الفضة أو من النحاس، فلما قال بيدى علمنا أن المراد بهما غير ذلك"[2]. [1] الأسماء والصفات ص: 319، 320. [2] الاعتقاد ص: 29، 30.