وهكذا يثبت البيهقي - رحمه الله - اليد صفة لله تبارك وتعالى بأدلتها التي أوردها، راداً على المؤولين، الذين يرى البيهقي - رحمه الله - في رأيهم خروجاً عن المعنى الصواب، والطريق الأسلم، ويتلخص رده الذي تضمنه كلامه السابق في النقاط التالية:
1 - أن تأويل اليد بالقدرة - في هذه النصوص - يؤدي إلى إبطال الخاصية التي اختص الله تبارك وتعالى بها بعض مخلوقاته وفضلهم بها على غيرهم، وذلك لأننا إذا قلنا بأن المقصود باليد القدرة، فإن إبليس أيضاً خلقه الله بقدرته، فلا فرق حينئذ بينه وبين آدم عليه السلام، ولا معنى لتخصيص خلق آدم بأنه كان بيد الله.
2 - إن التثنية في "بيديّ" تبطل القول بالتأويل أيضاً، لأن التشديد تحقيق في التثنية، وتخصيص التثنية في نعم الله وقدرته ليس له معنى يصح، لأن قدرة الله تعالى واحدة لا حدود لها، ونعمة لا تحصى كثرة، فلا يصح تأويلها بأن المراد "بقدرتي" أو "بنعمتي" لعدم جواز انحصار قدرة الله ونعمه في عدد.
3 - أن تأويل اليدين في الآية بالماء والطين غير صحيح، لأنه لو أراد ذلك لقال "من يدي" إذ الماء والطين يكونان حينئذ ابتداء الخلق فيكون منهما. فلما قال "بيدي" علمنا أنه أراد الصفة الحقيقية التي بها كان الخلق.
وقد كان البيهقي واضحاً في رأيه القائل بإثبات اليدين صفة حقيقية لله تبارك وتعالى، إلا أنه ذكر ضمن ما تقدم كلاماً أوقعه فيما فر منه حيث قال: " ... فلم يبق إلا أن يحملا على صفتين تعلقتا بخلق آدم تشريفاً له، دون خلق إبليس تعلق القدرة بالمقدور، لا من طريق المباشرة ... "[1]. [1] الأسماء والصفات ص: 320، وقد تقدم.