فإن أولئك الأجناد، كانوا إذا غضبوا على الحاكم تمردوا عليه، ونهبوا أمواله، ثم التفتوا إلى أموال الناس فنهبوها، وقتلوا من يقف في طريقهم، كما حدث في سنة سبع عشرة وأربعمائة [1] .
إن حالاً كهذه تؤكد لنا المعاناة التي كان يعيشها الناس، فضعف السلطان كان سبباً مباشراً لشيوع شريعة الغاب بين الناس في ذلك العهد حين استفحل أمر اللصوص فأغاروا على المنازل في وضح النهار، حتى إذا لم يجدوا شيئاً مما يريدون في المنزل الذي أغاروا عليه أخذوا صاحبه، وتفننوا في تعذيبه حتى يرشدهم إلى المكان الذي أخفى فيه ماله - إن كان له مال - كما حدث من جماعة العيارين ببغداد [2] .
واشتد أمر هؤلاء المجرمين سنة أربع وعشرين وأربعمائة وست وعشرين وأربعمائة، حين أخذوا أموال الناس عياناً، وقتلوا صاحب الشرطة، ونهبوا المتاجر، وأظهروا الفسق والفجور، والفطر في رمضان [3] .
وقد صاحب هذه الحوادث المروعة غلاء شديد في المعيشة، فقد اشتد الغلاء بخراسان جميعها وعدم القوت، فكان الإنسان يصيح: الخبز، الخبز ويموت [4] .
ولم تكن الحالة في العراق بأحسن مما هي عليه في خراسان، فقد اضطر الناس من شدة الجوع - إلى أكل الكلاب والحمر [5] . [1] الكامل7/325. [2] شذرات الذهب3/204، والكامل7/323. [3] شذرات الذهب3/226-229. [4] الكامل7/255. [5] شذرات الذهب3/192.