فأما قول ابن حامد فقد ذكر الإمام ابن القيم رحمه الله أن الحامل له عليه هو أنه يرى أن إثبات النزول حقيقة لا يكون إلاّ بهذا الوجه، لأن حقيقته لا تثبت إلاّ بالانتقال، وأنه لا يوجد في العقل ولا في النقل ما يحمل الانتقال عليه، فإنه كالمجيء والإتيان والذهاب والهبوط والانتقال جنس لأنواع المجيء والإتيان والنزول. وليس في القول بلازم النزول والمجيء والإتيان ونحوها محذور البتة، ولا يستلزم ذلك نقصاً لا سلب كمال، بل هو الكمال نفسه، وهذه الأفعال كمال ومدح فهي حقّ دال عليه النقل، ولازم الحقّ حقّ.1
أما أصحاب القول الثاتي وهو القول الذي ارتضاه البيهقي فقد ردّ عليهم ابن القيم رحمه الله بقوله: "وأما الذين نفوا الحركة والانتقال فإن نفوا ما هو من خصائص المخلوق فقد أصابوا، ولكن أخطؤوا في ظنّهم أن ذلك لازم أثبته لنفسه"[2].
وأما القول الثالث وهو الإمساك عن الإثبات والنفي فهو القول الأسعد بالصواب والأولى بالاتباع، لأن فيه التزاماً بما ورد في النصوص من إثبات ما أثبتته والسكوت عما سكتت عنه.
وقد ذكر الإمام ابن القيم - رحمه الله - "أن صحة هذه الطريقة تظهر ظهوراً تاماً فيما إذا كانت الألفاظ التي سكت النصّ عنها مجملة محتملة لمعنيين صحيح وفاسد كلفظ الحركة والانتقال… ونحو ذلك من الألفاظ التي تحتها حقّ وباطل، فهذه لا تقبل مطلقاً، ولا ترد
1 انظر: مختصر الصواعق المرسلة2/254. [2] المصدر نفسه2/257.