فالبيهقي - رحمه الله - يرى التأويل للنصوص الواردة بإثبات هذه الصفة حسب ما يقتضيه السياق، والحامل له على التأويل ما تقدم من قوله راوياً عن أبي سليمان الخطابي أن الضحك الذي نعرفه هو ما يعتري البشر عندما يستخفهم الفرح، أو يستنفرهم الطرب. ولشبهة أن يكون المتبادر إلى الذهن - عند الإثبات الحقيقي - هذا المعنى عمد البيهقي إلى القول بالتأويل.
إلأ أن هذا التأويل غير صحيح كما أن تلك الشبهة فاسدة فأما فساد الشبهة فإننا إذا أثبتنا صفة الضحك لله تبارك وتعالى، فإننا نثبته على ما يليق بجلاله، لأنه سبحانه يتعالى عما يعتري البشر من انفعالات، هي صفة نقص يجب أن يتنزه الرب تبارك وتعالى عنها.
ولذلك قال شيخ الإسلام ابن تيمية في ردّ هذه الشبهة وذلك التأويل: "الضحك في موضعه المناسب له صفة مدح وكمال، وإذا قدر حيان أحدهما يضحك مما يضحك منه، والآخر لا يضحك قط، كان الأول أكمل من الثاني. ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: "ينظر الرب إليكم قنطين، فيظل يضحك، يعلم أن فرجكم قريب".
فقال له أبو رزين العقيلي: يا رسول الله، أو يضحك الرب؟ قال: "نعم قال: لن نعدم من رب يضحك خيراً". فجعل الأعرابي العاقل بصحّة فطرته ضحكه دليلاً على إحسانه وإنعامه، فدلّ على أن هذا الوصف مقرون بالإحسان المحمود، وأنه من صفات الكمال، والشخص العبوس الذي لا يضحك قط هو مذموم بذلك، وقد قيل في اليوم الشديد العذاب إنه: {يَوْماً عَبُوساً قَمْطَرِيراً} .