وقد روي أن الملائكة قالت لآدم: "حياك الله وبياك" أي: أضحكك. والإنسان حيوان ناطق ضاحك. وما يميز الإنسان عن البهيمة صفة كمال، فكما أن النطق صفة كمال، فكذلك الضحك صفة كمال، فمن يتكلم أكمل ممن لا يتكلم، ومن يضحك أكمل ممن لا يضحك، وإذا كان الضحك فينا مستلزماً لشيء من النقص، فالله منزه عن ذلك وذلك الأكثر مختص لا عام. فليس حقيقة الضحك مطلقاً مقرونة بالنقص، كما أن ذواتنا وصفاتنا مقرونة بالنقص، ووجودنا مقرون بالنقص أيضاً"[1].
وهكذا يتضح لنا أن الحقّ في هذه الصفة أنها كمال ثابت لله تبارك وتعالى، لا يجوز نفيه عنه بحجّة أن ضحك الإنسان مستلزم لنقص فيه من خفة روح واستنفار طرب، لأننا حين نثبت هذه الصفة له تبارك وتعالى فإننا نثبتها كمالاً مطلقاً لله تبارك وتعالى، وننزهه سبحانه عما يلزمها من النقص بالنسبة للمخلوق، لأن صفات الله جميعها كمال مطلق لا يعتريه نقص، لأن النقص من لوازم صفات المخلوقين والخالق يتعالى عن ذلك. فالصفة تابعة للذات المتصفة بها وذات الله منزهة عن كلّ نقص وهي بذلك لا تشبه ذواتنا فلا يلزمها ما يلزم ذواتنا من النقص.
وهكذا القول في بقيّة هذا النوع من الصفات، والتي ذهب البيهقي إلى تأويلها، وذلك بعد أن ساق أدلتها من الكتاب والسنة، ولا أرى ثمة [1] مجموع الفتاوى6/121-122.