الفصل السابع: رؤية الله تعالى
وهذه المسألة ذات شقين: رؤية في الدنيا، ورؤية في الآخرة.
أما رؤية الله تبارك وتعالى في الدنيا فقد وقع النزاع فيها بين العلماء حول نبيّنا محمّد صلى الله عليه وسلم، هل رأى ربّه ليلة الإسراء أم لا؟ على رأيين فمنهم من أثبتها، ومنهم من نفاها.
وكان الخلاف في ذلك قد وقع منذ عهد الصحابة رضوان الله عليهم وقد شددت عائشة رضي الله عنها النكير على من قال بأن الرسول صلى الله عليه وسلم رأى ربه بعيني رأسه[1].
أما من عداه من الخلق فلم يقع خلاف بين العلماء في عدم وقوعها لهم، إذ اتفقوا جميعاً على أنه لم يره أحد منهم في الدنيا.
وليست هذه المسألة هي ما نحن بصدد بحثه هنا، بل الغرض من عقد هذا الفصل هو الحديث عن موقف البيهقي من رؤية الله تبارك وتعالى في الآخرة، التي هي من أشرف مسائل أصول الدين، وأجلها، لأنها الغاية التي يتسابق المؤمنون من أجل نيلها، والحصول من نعيم الجنة - التي هي غايته - عليها، لذلك كانت هذه القضية العظمى محل اهتمام كبير من البيهقي - رحمه الله - إذ أولاها عناية خاصة، حتى إنه أفردها بالتأليف في كتاب مستقلّ، كما أشار إلى ذلك في كتاب الاعتقاد[2]. [1] انظر: الطحاية ص: 151. [2] الاعتقاد ص: 48. وقد سبق أن أشرت إلى أن هذا الكتاب لا يزال مفقوداً. انظر: ص (98) من هذا البحث.