وقد كان الخلاف في هذه القضية على رأيين:
أحدهما: القول بإثباتها للمؤمنين يوم القيامة وهو مذهب سلف الأمة جميعاً، وقد ذهب إليه الأشاعرة بمن فيهم البيهقي.
وثانيهما: القول بالمنع، وهو مذهب الجهمية والمعتزلة، ومن تبعهم من الخوارج والإمامية[1]، واستدلوا بأدلة تعرض لها البيهقي بالنقض والتفنيد، مبنياً أنها إنما تدل على مذهب الإثبات، لا على ماذهبوا إليه من باطل.
وسوف أقوم أولاً بإيضاح رأي البيهقي وأدلته على النحو التالي:
لقد ذهب - رحمه الله - إلى القول بإثبات رؤية المؤمنين لربّهم بأبصارهم يوم القيامة وفي ذلك يقول: "باب القول في إثبات رؤية الله عز وجل في الآخرة بالأبصار"[2]. ثم شرع في إيراد أدلته على هذا الإثبات من كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
فأما أدلته من القرآن الكريم فمنها:
1 - قوله تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} [3].
حيث يرى - رحمه الله - أنّ النظر الوارد في الآية المقصود به الرؤية. وقد روى تفسير هذه الآية بذلك عن ابن عباس وغيره من السلف[4]. [1] انظر: شرح الطحاوية ص: 142، ومقالات الإسلاميين للأشعري1/238. [2] الاعتقاد ص: 45. [3] سورة القيامة آية: 23. [4] الاعتقاد ص: 49.