[2] - ومما استدل به - رحمه الله - على إثبات الرؤية وله تعالى حاكياً قول كليمه موسى له: {رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي} [1].
كما استدل البيهقي - رحمه الله - بهذه الآية لإثبات الرؤية فقد استدل بها من قال بنفيها[2].
لذلك كان عرضه لوجهة استدلاله بها متضمناً للرد على أولئك النفاة حيث قال رحمه الله: "وما يدلّ على أن الله عز وجل يرى بالأبصار قول موسى الكليم عليه السلام: {رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ} ولا يجوز أن يكون نبي من الأنبياء، قد ألبسه الله جلباب النبيين، وعصمه مما عصم منه المرسلين يسأل ربّه ما يستحيل عليه، وإذا لم يجز ذلك على موسى عليه السلام، فقد علمنا أنه لم يسأل ربه مستحيلاً، وإن الرؤية جائزة على ربنا عز وجل.
ومما يدل على ذلك قول الله عز وجل: {فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي} .
فلما كان الله قادراً على أن يجعل الجبل مستقراً كان قادراً على الأمر الذي لو فعله لرآه موسى، فدلّ ذلك على أن الله قادر على أن يري نفسه عباده المؤمنين وأنه جائز رؤيته، وقوله: {لَنْ تَرَانِي} أراد به في الدنيا دون الآخرة، بدليل ما مضى من الآية"[3].
وهذا الكلام الذي ساقه البيهقي هنا يتضمن أمرين:
أحدهما: وجهة الاستدلال على الإثبات. [1] سرة الأعراف آية: 143. [2] انظر: شرح الأصول الخمسة ص: 233. [3] الاعتقاد ص: 47.