كمال القيومية، ... فقوله: {لا تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ} يدل على غاية عظمته، وأنه أكبر من كل شيء، وأنه لعظمته لا يدرك بحيث يحاط به، فإن الإدراك هو الإحاطة بالشيء، وهو قدر زائد على الرؤية، كما قال تعالى: {فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ كَلاَّ…} [1] فقوله: {لا تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ} من أدل شيء على أنه يرى ولا يدرك"[2].
ولا تخفي وجاهة رأي من ذهب إلى الاستدلال بها على الرواية مفسرين الإدراك في الآية بالإحاطة.
وأما الأحاديث الدالة على إثبات الرؤية فمتواترة، وقد ذكر البيهقي - رحمه الله - بعضاً منها، ومما ذكره منها:
1 - حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن ناساً قالوا: يارسول الله هل نرى ربّنا يوم القيامة؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "هل تمارون في رؤية القمر ليلة البدر وليس دونه سحاب؟ " قالوا لا يارسول الله، قال: "هل تمارون في الشمس ليس دونها سحاب؟ " قالوا: لا يارسول الله، قال: "فإنكم ترونه كذلك" [3].
2 - حديث جرير بن عبد الله قال: كنا جلوساً عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فنظر إلى القمر ليلة البدر فقال: "أما إنكم ستعرضون على ربّكم [1] سورة الشعراء آية: 61. [2] حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح لابن القيم ص: 228، وانظر رأي الألوسي في روح المعاني7/244-245. [3] الاعتقاد ص: 51. والحديث رواه البخاري في كتاب التوحيد حديث رقم: 7437، 13/419. ورواه مسلم في كتاب الإيمان، حديث رقم: 299، 1/163.