معلوم أن مذهب أهل السنة هو أنهم يفصحون ويصرحون بأن القرآن كلام الله غير مخلوق، ومذهب الجهمية يصرحون فيه بضد ذلك وهو أن القرآن مخلوق، ونشأ على إثر عقيدة الجهمية هذه بدعة الواقفة، فنشؤوا متأثرين ببدعة الجهمية الذين قالوا القرآن مخلوق، وبدؤوا ينشرون ذلك بين الناس، وأخذوا يثيرون الشبه، وأهل السنة يردون عليهم، ففي هذه الأجواء نشأ الواقفة الذين تأثروا بالجهمية ـوهم قوم شكاك ـ فقالوا القرآن كلام الله ولا يقال مخلوق ولا غير مخلوق، وإنما قالوا ذلك لتأثرهم ببدعة الجهمية ودخولها في نفوسهم، ولذلك لم يستطيعوا الإفصاح بالمعتقد الحق وهو أن القرآن غير مخلوق، ولذا قال الإمام أحمد: " الواقفة جهمية"، والناظم أيضاً يقول ذلك فقد وصفهم بأنهم: "أتباع لجهم"، وبعض أهل العلم قال: هم شر من الجهمية، ووجهه: أن معتقد الجهمية مصرح فيه بالباطل، وهو أن القرآن مخلوق، فنقده وبيان فساده للناس بالحجج والبراهين سهل، ولكن لما يأتي الواقفة ويقررون مذهبهم على أنه من باب الورع ويقفون في هذه الصفة، فهذا من أخطر ما يكون على العوام، فيظنون أن في قولهم شيئاً من الوسطية والاعتدال، والواجب الإفصاح بالمعتقد الحق الذي دل عليه الكتاب والسنة. وعدم الإيمان به أو التوقف والتردد كله زيغٌ وضلال، والله يقول: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا} (الحجرات: من الآية15) . والتوقف عن الإيمان بالحق نوعٌ من الشك والريب.