نام کتاب : التوضيح عن توحيد الخلاق في جواب أهل العراق وتذكرة أولي الألباب في طريقة الشيخ محمد بن عبد الوهاب نویسنده : آل الشيخ، سليمان بن عبد الله جلد : 1 صفحه : 211
الشرك الأكبر، أو فيما دونه من الشرك، فان النفوس قد أشركت بتماثيل القوم الصالحين وتماثيل يزعمون أنها طلاسم الكواكب ونحو ذلك، فإن الشرك بقبر الرجل الذي يعتقد صلاحه أقرب إلى النفوس من الشرك بخشبة أو حجر، ولهذا أهل الشرك كثيراً ما يتضرعون عندها ويخشعون ويخضعون ويعبدون بقلوبهم عبادة لا يفعلونها في بيوت الله، ولا وقت الأسحار، ومنهم من يسجد لها وأكثرهم يرجون من بركة الصلاة والدعاء عندها ما لا يرجونه في المساجد، فهم يعبدون أصحابها بدعائهم ورجائهم والاستغاثة بهم وسؤالهم النصرة والرزق والعافية وقضاء الديون وتفريج الكربات وإغاثة اللهفات وبذل النذر لجلب ما أملوه ودفع الشرور مع اتخاذ قبورهم أعياداً، والصلاة إليها والطواف بها وتقبيلها واستلامها وتعفير الخدود على ترباتها، وغير ذلك من أنواع العبادات، والطلبيات التي كانوا عليها عباد الأوثان يسألون أوثانهم ليشفعوا لهم عند مليكهم، فهؤلاء المشركون الغلاة قد جعلوا لأهل القبور أصناف العبادات، وإذا قدموا إلى القبر عقروا له العقائر وتقربوا إليه بأنواع القربات، وقد أخرج أحمد وأبو داود من حديث أنس رضي الله عنه أنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا عقر في الإسلام" وقال عبد الرزاق كانوا يعقرون عند القبر بقرة أو شاة فنهوا عن ذلك، وأخبر أنه فعل عباد الأصنام وإذا رأوا قبته من مكان بعيد نزلوا عن الدواب واشتغلوا بدعائه والنحيب ووضعوا لها الجباه وقبلوا الأرض كشفوا الرؤوس وارتفعت أصواتهم بالضجيج ورأوا أنهم قد زادوا في الربح على الحجيج، فاستغاثوا بمن لا يبدي ولا يعيد، ونادوه ولكن من مكان بعيد، حتى إذا وصلوا إليه صلوا عند القبر ركعتين، ورأوا أنهم قد حازوا من الأجر كمن صلى إلى القبلتين، فهم حول القبر ركعاً سجداً يبتغون فضلاً من الميت ورضواناً، وقد ملؤا أكفهم خيبة وخسراناً فللشيطان ما يراق هناك من العبرات، ويرتفع بالدعاء من الأصوات ويطلب من الميت أنواع الحاجات ويسأل من تفريج الكربات واغناء ذوي الفاقات، ومعافاة أولي العاهات والبليات، ثم انبثوا بعد ذلك حول القبر طائفين تشبيهاً له بالبيت الحرام الذي جعله الله مباركاً وهدى للعالمين، ثم أخذوا في التقبيل والاستلام، كأنه الحجر الأسود وما يفعل به وفد بيت الله الحرام، ثم عفروا عنده تلك الجباه والخدود التي يعلم الله أنها لم تعفر كذلك بين يديه في السجود، واستمتعوا بخلاقهم من ذلك القبر فلم يكن لهم عند الله من
نام کتاب : التوضيح عن توحيد الخلاق في جواب أهل العراق وتذكرة أولي الألباب في طريقة الشيخ محمد بن عبد الوهاب نویسنده : آل الشيخ، سليمان بن عبد الله جلد : 1 صفحه : 211