وقوله: إنه شيء أُحدث، وإن السلف كانوا أرغب للخير، فلو كان خيرا لسبقونا إليه [1] .
فهذه النقول، التي أوردناها في هذا الباب، كلها توضح أن السلف –رضي الله عنهم- كانوا لا يرون مشروعية الاجتماع للذكر بالصورة التي أحدثنا الخلف. ولله در السلف! ما كان خير إلا سبقوا إليه، ولا كانت بدعة منكرة إلا كانوا أبعد الناس عنها، محذرين منها. فما من إنسان يخالف هديهم إلا كان تاركا لسبل الخير، معرضا عنها، مقتحما أبواب الضلال.
فلو كان الذكر الجماعي مشروعا أو مستحبا لفعله السلف، ولو فعلوه لنقل عنهم، ولورد إلينا. فلما لم ينقل ذلك عنهم، بل نقل عنهم ما يخالف من الإنكار على فاعله، كما حدث من ابن عمر، وابن مسعود، وغيرهما. دل ذلك على أن هذا العمل غير مشروع أصلاً.
ثالثا: النصوص العامة التي فيها المنع من الابتداع في الدين، كحديث عائشة –رضي الله عنها- مرفوعا: "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد" [2] . ومعلوم أن الذكر الجماعي لم يأمر به النبي صلى الله عليه وسلم ولم يدل عليه، فلو شرعه النبي صلى الله عليه وسلم لأمر به وحث الناس عليه، ولشاع ذلك عنه صلى الله عليه وسلم بينهم مع قيام المقتضي.
رابعا: أن في القول باستحباب الذكر الجماعي استدراكا على شريعة
1- فتاوى الشاطبي ص (206 – 208) .
2- أخرجه: البخاري (2697) ، ومسلم (1718) عن عائشة.