قلنا: العقل الفطري يوافق تلك النصوص كما تقدم، والنظر المتعمق فيه جاء في الشرع التنفير عنه وعن أهله، هذا مع الأمر المؤكد بالوقوف مع الكتاب والسنة والاعتصام بهما، ة الحكم بالزيغ والضلال والكفر على من خالفهما، وتأكيد أن الحق كله فيهما، وأن الدين قد كمل لهما، والأمر بالرجوع عند التنازع إليهما، وبيان أن الكتاب لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وأن الرسول يهدي إلى صراط مستقيم، وغير ذلك.
الرابع عشر: كلمات إبراهيم عليه السلام يظهر من تسميتها خطايا، ومن خجله واستحيائه من ربه في المحشر من أجلها انه ندم عليها في الدنيا، وعزم أن لا يعود إلى مثلها، وتلك النصوص لم يرد ما يشير إلى ندم محمد صلى الله عليه وآله وسلم من اجلها، بل الوارد خلاف ذلك، فأما الرب عز وجل فهو عالم الغيب والشهادة.
الخامس عشر: أن كلمات إبراهيم لم تترتب عليها مفسدة ما، بل ترتب عليها درء مفاسد عظيمة، وتحصيل مصالح جليلة، فقوله: «هي أختي» ترتب عليها سلامة إبراهيم من بطش الجبار، وسلامة الجبار وأعوانه من ذاك الظلم. وقوله: «إني سقيم» ترتب عليها تمكنه من تحطيم الأصنام، وما تبع ذلك من إقامة الحجة. والثالثة ترتب عليها إقامة الحجة على عباد الأصنام حتى اضطروا إلى الاعتراف، فقال بعضهم لبعض: «إنكم أنتم [1] الظالمون» . وأما النصوص التي يكذب المتعمقون معانيها التي هي فيها ما بين ظاهر بين، وصريح واضح، ومحقق مؤكد. فإن كانت كما يزعم المكذبون فقد ترتب عليها مفاسد لا تحصى.
الأولى: لزوم النقص كما تقرر في الوجوه السابقة حتى لولم يخلق الله تعالى الناس لما لزم مثل ذاك النقص، ولا ما يقاربه، بل لا يلزم نقص فيما أرى.
الثانية: تثبيت الاعتقاد الباطل في أصل الدين وحمل الناس عليه. [1] الأصل «لأنتم» . ن