لأبي الفرج ابن الجوزي، وشرح «منازل السائرين» لابن القيم، وغيرهما من كتب العلماء.
فصل
ثم جاء من بعدهم: أقوام عريقون في الجهل؛ فأخذوا ينتصرون لهم ويشيدون بطريقتهم، وتبعهم على ذلك أناس لا يحصيهم إلا الله ـ عز وجل ـ، وصنَّفُوا لهم في ذلك التصانيف الكثيرة المحشوَّة بالأحاديث المكذوبة والحكايات الملفقة المخترعة، وسمّوها كتب التصوف، وضموا إليها شيئًا من الجبر والاحتجاج بالقدر؛ حتى قال بعضهم: «طلبك منه اتهام له» ! وقال أيضًا: «اشتغالك بما ضمن لك دليل على انطماس البصيرة منك» ! وغير ذلك مما يورث الناس الكسل وترك العمل. وألَّفوا أيضًا لأسلافهم كتبًا جمعوا فيها كراماتهم وأحوالهم وما أُفيض عليهم، وسمّوها كتب المناقب، ونسبوا لهم أشياء لا تجوز نسبتها إلَّا لله ـ عز وجل ـ، لا يشاركه فيها أحد ـ كالإحياء والإماتة والعطاء والمنع والهداية والإضلال وإغاثة الملهوف وإجابة المضطر، وغير ذلك مما لم يقدر عليه أحد إلا الله وحده ـ! وكقول بعضهم: «كان للشيخ سبعون ألفًا من الملائكة إذا أراد أن يرسل أحدًا من تلامذته لقضاء حاجته يوكلهم بحفظه حتى يرجع» ! ... وغير ذلك مما هو مسطر في كتب المناقب التي تقرأ في محافل الناس. وطفقوا يبنون المساجد والقباب على قبور مشايخهم، ويوقدون عليها السُّرُج،