عليها.
ولنرجع إلى المقصود من ردِّ شُبه هذا المعترض؛ فنقول ـ وبالله نتأيد ـ:
فصل
وقد تبيَّن مما أسلفنا أن حكمة مشروعية زيارة القبور إنَّما [هي] لتذكر الآخرة والاستغفار والدعاء لأهلها ليس إلا، وهذان القسمان هما اللذان جاء الشرع بهما. وأما القسم الثالث الذي ذكره الخصم ـ وهو: زيارتها للتبرك بأهلها إن كانوا من أهل الخيرو الصلاح ـ فهذا القسم لم يرد به كتاب ولا سنَّة؛ بل هو مناقض لشرع الله ورسوله، وما ذكرناه فيه من أنه لفظ مجمل يحتمل حقًّا وباطلًا إنَّما هو من باب تحسين الظن بهذا المعترض، ومن باب دفع التأويلات البعيدة التي لا يحتملها اللفظ. وإليك ما ذكره أهل اللغة في معنى (تبرك به) .
قال صاحب «القاموس» وشارحه مرتضى وصاحب كتاب «البحر المورود» : تبرك به: تيمن، وتبرك به: فاز منه بالبركة، تبارك بالشّيء: تفاءل به. فإذا عرفت هذا تبين لك أن المعترض لم يرد بهذا القسم إلا المعنى الذي ذكرناه عن أهل اللغة.
وكيف يطلب الزائر تحصيل البركة والفوز بها من صاحب القبر، وقد انقطع عمله بموته؟! فما هذا إلا فتح باب شر على المسلمين لما وصفنا، وقد نقل هذا المعترض نفسه عن الإمام أبي محمد الشارمساحي المالكيّ: «أن قصد الانتفاع بقبر الميت بدعة إلا في زيارة قبر المصطفى صلى الله عليه وسلم وقبور المرسلين صلوات الله عليهم أجمعين» ، وهذا الذي