دينكم} ؟! فلو كان شدّ الرحل إلى زيارة القبور أمرًا مستحبًّا في الشرع ولم يفعله الرسول ولم يبينه لأمته؛ لكان هذا الدين لم يكمل إلا من بعد مجيء السبكي! فنبرأ إلى الله من هذا! وكيف يكون مستحبًّا وقد نهى عنه النّبيّ صلى الله عليه وسلم بقوله: «لا تشدُّ الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد» ؟؟! فلما لم يفعله صلى الله عليه وسلم ولم يأمر أمته به بل نهاهم عنه؛ تبيَّن أن شد الرحل لمجرد الزيارة أمر غير مشروع؛ بل هو محدَث في الدين، ولم يعرف في زمان سلفنا الصّالحين.
وأما قوله: «ومنها: الحديث الذي رواه الطبراني وصححه ابن السكن» ؛ يشير إلى الحديث الثالث الذي ذكره في الباب الأول؛ وهو: «من أتاني زائرًا لم تنزعه حاجة إلا زيارتي؛ كان حقًّا عليَّ أن أكون له شفيعًا يوم القيامة» .
فالجواب: هذا الحديث لو سلمت له صحته؛ لكان نصًّا في المسألة، ولارتفع النزاع، ولم يحتج معه إلى ذكر شيء يريد به ما ذهب إليه. وأنَّى يسلم له ذلك وقد بيَّن هو نفسه حاله في أول الكتاب؛ وذكر أنه حديث مختلف في متنه وسنده، ولكن لما كان هذا الحديث حجة له؛ لم يتكلم عليه من كل وجه؛ بل ذكر شيئًا وسكت عن أشياء، وناقشه فيه الحافظ ابن عبد الهادي. وحيث أن الحافظ ابن عبد الهادي لم يتكلم على بيان حال مَن يدور عليه إسناد هذا الحديث؛ وهو مسلم بن سالم الجهني، إمام مسجد بني حرام ومؤذنهم، ولم يزد على قوله: «هو رجل مجهول الحال» ؛ أردت أن أبيِّن لك حاله وما