الغاية، حُجّة في القراءة، وقال يحيى بن معين: حفص ليس بثقة، وقال البخاريّ: تركوه ... » ، ثم سرد الشّيخ كلام الأئمّة فيه، وقال: «وقد رواه الطّبرانيّ في «المعجم» من حديث اللّيث بن أبي سليم عن زوجة جدّه عائشة عن ليث، وهذا اللّيث وزوجة جدّه مجهولان، ونفس المتن باطل؛ فإنّ الأعمال التي فرضها الله ورسوله لا يكون الرّجل بها مثل الواحد من الصّحابة؛ بل في «الصّحيحين» عنه أنّه قال: «لو أنفق أحدكم ... » الحديث؛ فالجهاد والحجّ ونحوهما أفضل من زيارة قبره باتّفاق المسلمين، ولا يكون الرجل بهما كمَن سافر إليه في حياته ورآه؛ كيف وذلك إمّا أن يكون مهاجرًا إليه كما كانت الهجرة قبل الفتح، أو من الوفود الذين كانوا يفدون إليه يتعلّمون الإسلام ويبلغونه عنهم إلى قومهم، وهذا لا يمكن لأحد بعدهم أن يفعل مثلهم.
ومن شبّه مَن زار قبر شخص بمَن كان يزوره في حياته؛ فهو مصاب في عقله ودينه، والزّيارة الشّرعيّة لقبر الميّت مقصودها الدُّعاء له والاستغفار كالصّلاة على جنازته، والدُّعاء المشروع المأمور به في حقّ نبيّنا ـ كالصّلاة عليه والسّلام عليه وطلب الوسيلة له ـ مشروع في جميع الأمكنة؛ لا يختصّ بقبره؛ فليس عند قبره عمل صالح تمتاز به تلك البقعة؛ بل كلّ عمل صالح يمكن فعله في سائر البقاع، لكنّ مسجده أفضل من غيره؛ فالعبادة فيه فضيلة؛ لكونها في مسجده؛ كما قال: «صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه، إلَّا المسجد الحرام» ، والعبادات المشروعة فيه بعد دفنه مشروعة فيه قبل أن يدفن النّبيّ صلى الله عليه وسلم في حجرته، وقبل أن تُدخل حجرته في المسجد، ولم يتجدّد بعد ذلك فيه عبادة غير العبادات التي كانت على عهد النّبيّ صلى الله عليه وسلم وغير ما شرعه هو لأُمّته ورغّبهم فيه