ليُعبد وحده، لا يُجعل معه إله آخر، والذين يدعون مع الله آلهة أخرى ـ مثل: المسيح، والملائكة، والأصنام ـ لم يكونوا يعتقدون أنّها تخلق الخلائق، أو تنزل المطر، أو تنبت النّبات؛ وإنّما كانوا يعبدونهم أو يعبدون قبورهم أو صورهم، ويقولون: إنّما نعبدهم ليقرّبونا إلى الله زلفى؛ {ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله} ، فبعث الله رسله تنهى أن يُدعى أحد من دونه، لا دعاء عبادة ولا دعاء استغاثة، وقال ـ تعالى ـ: {قل ادعوا الذين زعمتم من دونه فلا يملكون كشف الضّرّ عنكم ولا تحويلًا * أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربّهم الوسيلة أيّهم أقرب} الآية. قال طائفة من السّلف: كان أقوام يدعون المسيح وعزيرًا والملائكة.
ثم قال في ذلك الكتاب: وعبادة الله وحده لا شريك له هي أصل الدّين، وهو التّوحيد الذي بعث الله به الرّسل وأنزل به الكتب؛ قال الله ـ تعالى ـ: {ولقد بعثنا في كلّ أُمّة رسولًا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطّاغوت} ، وقال ـ تعالى ـ: {وما أرسلنا من قبلك من رسول إلَّا نوحي إليه أنّه لا إله إلَّا أنا فاعبدون} ، وكان صلى الله عليه وسلم يحقّق التّوحيد ويعلّمه أُمّته، حتى قال له رجل: ما شاء الله وشئتَ؛ قال: «أجعلتني لله ندًّا؟ بل: ما شاء الله وحده» ، ونهى عن الحلف بغير الله، [و] قال: «مَن حلف بغير الله فقد أشرك» ، وقال صلى الله عليه وسلم في مرض موته: «لعن الله اليهود والنّصارى؛ اتّخذوا قبور أنبيائهم مساجد» ؛ يحذّر ما فعلوا، وقال صلى الله عليه وسلم: [ «اللهمّ لا تجعل قبري وثنًا يُعبَد» ، وقال صلى الله عليه وسلم] : «لا تتخذوا قبري عيدًا، ولا بيوتكم قبورًا، وصلّوا علىّ حيث ما كنتُم؛ فإنّ صلاتكم تبلغني» .
ولهذا اتّفق أئمّة الإسلام على أنّه لا يُشرع بناء المساجد على القبور، ولا الصّلاة عندها؛ وذلك [لأنّ] من أكثر الأسباب لعبادة الأوثان كانت تعظيم القبور؛