ولهذا اتّفق العلماء على أنّ مَن سلّم على النّبيّ صلى الله عليه وسلم عند قبره أنّه لا يتمرّغ بحُجرته ولا يقبّلها؛ لأنّه إنّما يكون لأركان بيت الله فلا يشبّه بيت المخلوق ببيت الخالق؛ كلّ هذا لتّحقيق التّوحيد الذي هو أصل الدِّين ورأسه، الذي لا يقبل الله عملًا إلَّا به، ويغفر لصاحبه، ولا يغفر لمَن تركه؛ [كما] قال الله ـ تعالى ـ: {إنّ الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومَن يُشرك بالله فقد افترى إثمًا عظيمًا} ؛ ولهذا كانت كلمة التّوحيد أفضل الكلام وأعظمه، وأعظم آية في القرآن آية الكرسي: {الله لا إله إلَّا هو الحيّ القيّوم} ، وقال صلى الله عليه وسلم: «مَن كان آخر كلامه (لا إله إلَّا الله) دخل الجنّة» ، والإله هو الذي يألهه القلب عبادة له واستغاثة به ورجاء له وخشية وإجلالًا. انتهى.
وقال أيضًا شيخ الإسلام تقيّ الدّين بن تيميّة ـ رحمه الله ـ، في كتابه «اقتضاء الصّراط المستقيم» ، في الكلام على قوله: {وما أُهِلّ به لغير الله} : وإنّ ظاهره: أنّه ما ذُبح لغير الله، سواء لفظ به أو لم يلفظ، وتحريم هذا أظهر من تحريم ما ذبحه وقال فيه: باسم المسيح ونحوه، كما أنّ ما ذبحناه متقرّبين به إلى الله كان أزكى ممّا ذبحناه للحم وقلنا عليه: باسم الله؛ فإنّ عبادة الله بالصّلاة والنّسك له أعظم من الاستغاثة باسمه في فواتح الأمور، والعبادة لغير الله أعظم من الاستعانة بغير الله، فلو ذبح لغير الله متقرّبًا إليه يحرم، وإن قال فيه: باسم الله، كما قد يفعله طائفة من منافقي هذه الأُمّة، وإن كان هؤلاء مرتدّين لا تباح ذبيحتهم بحال، لكن يجتمع في الذّبيحة