وإذا أردتَ الوقوف على نهيهم عن التقليد وكراهتهم له، وحث الناس على الأخذ بالدليل، فإن وافق قولهم الدليل قُبِلَ وإلا فيُرَدُّ قولهم بحديث النّبيّ صلى الله عليه وسلم؛ فعليك بكتاب «جامع بيان العلم وفضله» للحافظ ابن عبد البر، وكتاب «إعلام الموقعين» للحافظ ابن القيم، و «محاورة المصلح والمقلد» للسيد رشيد رضا، وغيرها من الكتب المؤلفة في هذا الباب.
فصل
واعلم أني لا أقصد بالذمِّ إلا من كان متصفًا بهذه الصفات التي ذكرتها، وهو مرادي دائمًا في هذا المجموع؛ إذا ذكرتُ أقوامًا وشنَّعت عليهم فلا أقصد إلا مَن خالفَ الكتاب والسنة وأقوال سلف الأمة، ولا أعمم سائرهم بالذمِّ والتشنيع؛ فإن ذلك خطأ عظيم؛ فمرادي بالرد على أهل هذين القسمين هو: ما حكيناه عنهم؛ وإلا فكثير من أتباع الأئمة الأربعة ـ رضوان الله تعالى عليهم ـ كانوا هادين مهديين، عاملين بأقوال الأئمة إذا كانت موافقة للكتاب والسنة، وإذا جاء الحديث مخالفًا لشيء من أقوالهم تركوا أقوالهم للسَّنة الصحيحة، فهؤلاء هم الذين اتبعوا الأئمة على الحقيقة؛ فرضي الله عنهم وشكر سعيهم. وأما من وصفنا حالهم في القسمين السابقين؛ فأولئك لا يقال لهم أتباع الأئمة؛ بل أناس اتبعوا أهواءهم وآراءهم من غير بيِّنة ولا توفيق من الشارع، ولا يَجْعَل أحد من الأئمة الأربعة ولا غيرهم وحاشاهم أن يأمروا أحدًا أن يجعل أقوالهم هي الأصل والكتاب والسنة هما الفرع؛ فإن وافق