{إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ} الآية ومن المعلوم أن الذين نزلت هذه الآية في التحذير عن نوليهم ليسوا من اليهود ولا من النصارى ولا ريب أن الله تعالى أوجب على عباده المؤمنين البراءة من كل مشرك وإظهار العداوة لهم والبغضاء وحرم على المؤمنين موالتهم وشركهم إنما هو في التأله والعبادة كما قال تعالى: {وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَندَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ} الآية وقال تعالى: {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لاَ يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ} والآية الثانية وقال تعالى: {لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لاَ يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ إِلاَّ كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاءِ لِيَبْلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ بِبَالِغِهِ وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلاَّ فِي ضَلاَلٍ} قال تعالى: {وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ*إِنْ تَدْعُوهُمْ لاَ يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلاَ يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ} والآيات في بيان الشرك في العبادة وأنه دين المشركين وما تضمنه القرآن من الرد عليهم وبيان ضلالهم وضياع أعمالهم أكثر من أن تحصر ويكفي اللبيب الموفق لدينه بعض ما ذكرناه من الآيات المحكمات وأما من لم يعرف حقيقة الشرك لإعراضه عن فهم الأدلة الواضحة والبراهين القاطعة فكيف يعرف التوحيد ومن كان كذلك لم يكن من الإسلام في شيء وإن صام وصلى وزعم أنه مسلم وأما من شرح الله صدره للإسلام وأصغى قلبه إلى ذكر الله من الآيات المحكمات في بيان التوحيد المتضمن لخلع الأنداد التي تعبد من دون الله والبراءة منها ومن عابديها عرف دين المرسلين كما قال تعالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنْ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} والطاغوت ما تجاوز به العبد حده من معبود أومتبوع أو مطاع وكلما ازداد العبد تدبرا لما ذكره الله تعالى في كتابه من أنواع العبادة التي يحبها الله من عبده ويرضاها عرف أن من صرف شيئا منها لغير الله فقد أشرك كما قال تعالى: {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ} الآية ويجمع أنواع العبادة تعريفها بأنها كلما يحبه الله ورسوله من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة.