نام کتاب : تخجيل من حرف التوراة والإنجيل نویسنده : الجعفري، صالح جلد : 1 صفحه : 379
أطوع الناس لم يقبح ذلك منه[1]، وقد أخبرت التوراة أن الله تعالى عفا عن [1] ينفي الأشاعرة قطعاً أن يكون لشيء من أفعال الله تعالى علة مشتملة على حكمة تقضي إيجاد الفعل أو عدمه، هو ردّ فعل لقول المعتزلة بالوجوب على الله، حتى أنكر الأشاعرة كل لام تعليل في القرآن الكريم وقالوا: إن كونه يفعل شيئاً لعلة ينافي كونه مختاراً مريداً.
وهذا الأصل تسمّيه بعض كتبهم (نفي الغرض عن الله) ، ويعتبرونه من لوازم التَّنْزِيه، وجعلوا أفعاله تعالى كلّها راجعة إلى محض المشيئة، ولا تعلق بها لصفة أخرى - كالحكمة مثلاً - ورتبوا على هذا أصولاً فاسدة كقولهم بجواز أن يخلد الله في النار أخلص أوليائه، ويخلد في الجنة أفجر الكفار، وجواز التكليف بما لا يطاق ونحوها.
وسبب هذا التأصيل الباطل عدم فهمهم ألا تعارض بين المشيئة والحكمة، أو المشيئة والرحمة. (ر: منهج الأشاعر - د. الحولي ص 47، والحكمة والتعليل - د. محمّد ربيع المدخلي ص 62-67، ر: كتب الأشاعرة المواقف للإيجي ص 331، ونهاية الأقدام للشهرستاني ص 397، الاقتصاد في الاعتقاد للغزالي ص 102، وغيرها.
وأما مذهب السلف أهل السنة والجماعة في إثبات الحكمة والتعليل فهو أن أفعاله تعالى تعلل بالحَكَم والغايات الحميدة، التي تعود على الخلق بالمصالح والمنافع، ويعود إلى الله تعالى حبّه ورضاه لتلك الحِكَم وهذه الحكم مقصودة ويفعل لأجل حصولها، واستدل السلف على ذلك بأدلة منها:
أ- أجمع المسلمون على أن الله تعالى حكيم، ولا يجوز أن يخلو فعل الحكيم من الحكمة، ولا تكون الحكمة إلاّ من فاعلٍ مختارٍ يكون قاصداً بفعله تلك الحكمة، وفاعلاً لها.
ب- النصوص الواردة في القرآن الكريم التي ورد فيها التصريح بلفظ الحكمة، كقوله تعالى: {حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ} ، [سورة القمر، الآية: 5] . وقوله: {وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ} . [سورة النساء، الآية: 113] . ولا شكّ أن المعطي الحكمة غيره يجب أن يكون حكيماً، وورد في آيات أخرى أنه عزوجل فعل كذا لكذا، كقوله تعالى: {رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ} . [سورة النساء، الآية: 165] .
ج- ومن الأدلة أيضاً، إنكار الله سبحانه على من زعم أنه خلق الخلق لا لحكمة وغاية كقوله تعالى: {أفحسبتم أنما خلقناكم عبثاً وأنكم إلينا لا ترجعون} . [سورة المؤمنون، الآية: 115] .
هذه بعض الأدلة العقلية والنقلية التي استدل بها السلف رحمهم الله. (للتوسع، ر: الفتاوى للإمام ابن تيمية 8/35، 44، 16/299، منهاج السنة 1/447، وما بعده إلى 470، كما أطال ابن القيم في ردّ شبه الأشاعرة في شفاء العليل ص 391-521، الحكمة والتعليل في أفعال تعالى - د. محمّد ربيع المدخلي) .
نام کتاب : تخجيل من حرف التوراة والإنجيل نویسنده : الجعفري، صالح جلد : 1 صفحه : 379