فإذا أضيف إلى المسألة مثلاً، فقيل: ما وجه هذه المسألة؟ يعني الذي يبدو منها، ووجه المسألة مسألة. وعندما يقال: وجه النهار يُعنَى أوله، ووجه النهار نهار. وعندما يقال: وجه الإنسان ووجه الحيوان، فهو في كل موطن بحسبه.
فإذا أضيف الوجه إلى من ليس كمثله شيء، كان الوجه ليس كمثله وجه، فلله عز وجل وجه حقيقي، يليق بجلاله وكماله، والشأن فيه كالشأن في ذات الله، فكما أنَّ لله ذاتاً لا تشبه الذوات، فله ـ كما أخبر عن نفسه، وأخبر عنه رسوله صلى الله عليه وسلم ـ"وجه لا يشبه الوجوه.
فبدأ المصنف الكلام عن هذه الصفة بقوله: " ومن الصفات التي نطق بها القرآن، وصحت بها الأخبار: الوجه "
وهذا على قاعدة أهل السنة السابق ذكرها: إثبات ما ثبت في الكتاب والسنة. ثم أورد بعض الأدلة من القرآن ومن السنة، فيها إثبات الوجه لله تبارك وتعالى، فقال:
" قال الله عز وجل: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ} "
فأضاف سبحانه الوجه إلى نفسه، وأسند هذه الصفة إلى نفسه، فقال: " وجهه ". فالآية دالة على ثبوت الوجه صفة لله تبارك وتعالى على المعنى اللائق به وبجلاله وكماله.
كما تدل على بقائه سبحانه، إذ في ذكر بقاء الوجه وعدم هلاكه دلالة على بقاء ذاته سبحانه، فهو الباقي الآخر الذي ليس بعده شيء، وكل المخلوقات تهلك ويبقى الحي الذي لا يموت، كما قال الله تعالى: {وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ} [1].
ثم أعقبها بدليل آخر من القرآن فقال: " وقال الله عز وجل: {وَيَبْقَى وَجْهُ [1] الآية 58 من سورة الفرقان.