[صفة الوجه]
لما أنهى المصنف ـ رحمه الله ـ الكلام على صفة العلو، وذكر بعض أدلتها من كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم وذكر بعض الآثار المروية عن السلف في ذلك، انتقل إلى الكلام عن صفة أخرى من صفات الرب سبحانه وتعالى، وهي: صفة الوجه.
والوجه صفة ذاتية لله جل وعلا، ثابتة في الكتاب والسنة، وأدلتها في القرآن والسنة كثيرة جداً، وقد ذُكر الوجه في القرآن وفي السنة وأضيفت إليه صفات كثيرة، مثل النور، والسبحات، والبصر، إلى غير ذلك.
وأهل السنة ـ رحمهم الله ـ منهجهم في هذه الصفة هو منهجهم في جميع الصفات: يقولون: إن لله وجهاً يليق بجلاله وكماله، كما نطق بذلك كتابه، وصح عن رسوله صلى الله عليه وسلم، فهم يثبتونه لله على المعنى اللائق به، بلا تحريف ولا تعطيل، ولا تكييف ولا تمثيل، على حد قول الله تبارك وتعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [1].
أما أهل الأهواء فلا يثبتونه لله تبارك وتعالى، بل يتأولونه تأويلات مختلفة ومتنوعة، فمنهم من يقول: الوجه الذات، ومنهم من يقول: الوجه الثواب، إلى غير ذلك من تأويلاتهم الباطلة [2].
والوجه في لغة العرب هو: مستقبل الشيء، ويضاف إلى الزمان وإلى المكان، وإلى الحيوان، وهو في كلِّ موطن بحسب ما أضيف إليه، على القاعدة المعروفة: الإضافة تقتضي التخصيص. [1] الآية 11 من سورة الشورى. [2] أشار ابن القيم إلى طرف منها في مختصر الصواعق " ص174 " ثم قال: " وهذه أقوال نعوذ بوجه الله العظيم من أن يجعلنا من أهلها ".