عز وجل قدراً وكوناً ما لا يحبه، مثل كفر الكافر وعصيان العاصي وظلم الظالم، فهذه كلها أمور تقع بإرادة الله الكونية القدرية.
فكل ما أراده الله شرعاً وديناً فهو يحبه،: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [1]، وكل الأوامر التي في الكتاب العزيز والنواهي أرادها الله من عباده شرعاً، فأراد الله منهم الصلاة والصيام والإيمان وترك المعاصي والفسوق.
يقول العلماء: تجتمع هاتان الإرادتان في إيمان المؤمن؛ لأنَّ الله عز وجل أراد منه كوناً وقدراً أن يكون مطيعاً، وأراد منه ذلك شرعاً وديناً، فاجتمعت في حقه الإرادتان.
وتنفرد الإرادة الكونية القدرية في كفر الكافر؛ لأنَّ الله عز وجل أراد منه الكفر كوناً وقدراً، ولم يرده منه شرعاً وديناً، قال تعالى: {وَلا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ} [2].
وتنفرد الإرادة الشرعية الدينية في مثل إيمان الكافر الذي قضى الله أن يموت على الكفر؛ لأنَّ الله عز وجل أراد منه شرعاً وديناً أن يكون مؤمناً، لكنه لم يرده منه قدراً وكوناً؛ لأنَّه لو أراده منه قدراً وكوناً لكان.
وترتفع الإرادتان في كفر المؤمن الذي قضى الله أن يبقى على الإيمان ويموت عليه، فلم يرد الله منه الكفر لا شرعاً وديناً، ولا كوناً وقدراً.
وفي قول المصنف: " والمشيئة والإرادة " إشارة إلى أنه ثمة فرق بين الأمرين، فالمشيئة دائماً وأبداً كونية، والإرادة منقسمة إلى كونية قدرية، وشرعية دينية. [1] الآية 185 من سورة البقرة. [2] الآية 7 من سورة الزمر.