الكلام " يعني إن جحد حرفاً أو جحد كلاماً من القرآن فإنَّه يكفر بذلك.
والشاهد: قوله: " بحرف من القرآن ".
" وروى عبد الله بن أنيس رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"يحشر الناس يوم القيامة ـ وأشار بيده إلى الشام ـ عراة غرلاً بُهماً. قال: قلت: ما بُهْماً؟ قال: ليس معهم شيء، فيناديهم بصوت يسمعه من بعد كما يسمعه من قرب: أنا الملك أنا الديان، لا ينبغي لأحد من أهل الجنة أن يدخل الجنة وأحد من أهل النار يطلبه بمظلمة، ولا ينبغي لأحد من أهل النار أن يدخل النار وأحد من أهل الجنة يطلبه بمظلمة حتى أقُصُّه منه. قالوا: وكيف، وإنما نأتي الله عراة غرلاً بُهماً؟ قال: بالحسنات والسيئات" رواه أحمد وجماعة من الأئمة "
لمَّا فرغ المصنف ـ رحمه الله ـ من ذكر جملة من الأدلة الدالة على أنَّ كلام الله بحرف، شرع في إيراد الأدلة على أنَّ كلام الله بصوت، وبدأها بحديث عبد الله بن أنيس رضي الله عنه. وهو صريح في أنَّ كلام الله بصوت؛ لأنَّه قال: " فيناديهم بصوت "، وقوله: " يناديهم " وحده دال على ثبوت الصوت في كلام الله عز وجل؛ لأنَّ النداء لا يكون إلا بصوت.
وفي القرآن الكريم أدلة كثيرة على أنَّ كلام الله بصوت، وذلك من خلال الآيات التي فيها إثبات النداء، وهي كما قال أهل العلم تزيد على عشر آيات، كقوله تعالى: {وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ} [1]، ونظائرها من الآيات. فذكر الصوت في هذا الحديث إنما هو للتأكيد، وإلا فقوله صلى الله عليه وسلم: " فيناديهم " دالٌّ على ثبوت الصوت في كلام الله تعالى.
" يحشر الناس يوم القيامة " الحشر هو الجمع والإخراج، فيجمعون في مكان واحد على الصفة: المذكورة في هذا الحديث: عراة غرلاً بهماً. واستدل [1] الآية 65 من سورة القصص.