بعض أهل العلم على هذا المعنى بقوله تعالى: {كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ} [1] فأول ما يخرج الإنسان يخرج وليس عليه لباس، وليس مختتناً، وليس عليه نعال، فتكون حالة الناس في أرض المحشر كما هي حالتهم عند خروجهم للحياة أول مرة.
" قال: قلت: ما بهماً؟ قال: ليس معهم شيء " أي من أموال الدنيا وما يمتلكونه فيها، فلا يبقى مع الإنسان إلا عمله الذي قدمه في هذه الحياة، كما قال صلى الله عليه وسلم:"يتبع الميت ثلاثة، فيرجع اثنان ويبقى معه واحد، يتبعه أهله وماله وعمله، فيرجع أهله وماله، ويبقى عمله"[2].
" يسمعه من بعد كما يسمعه من قرب " وهذا خاص بكلام الله عز وجل، وفيه دلالة على أنَّ كلام الله عز وجل لا يشبه كلام المخلوقين؛ فإنَّ كلام المخلوق يسمعه القريب، ثم يضعف الصوت حتى ينقطع عن البعيدين عنه، بحسب قوة أصوات الناس وضعفها.
وفي الحديث دليل على أنَّ الناس يتفاوتون في قربهم من الله في أرض المحشر، وأنهم ليسوا في القرب منه سواء، بل منهم القريب ومنهم البعيد، ومع ذلك فإنهم جميعاً يسمعون صوته سبحانه الذي يناديهم به.
" أنا الملك " الذي له ملكوت كلِّ شيء، فله ملك السماوات والأرض والإنس والجن وجميع المخلوقات.
" أنا الديان " الذي يجازي العباد ويحاسبهم على أعمالهم التي قدموها. ومنه قوله تعالى: {مالك يوم الدين} أي: يوم الجزاء والحساب.
" لا ينبغي لأحد من أهل الجنة أن يدخل الجنة وأحد من أهل النار يطلبه [1] الآية 104 من سورة الأنبياء. [2] أخرجه البخاري " رقم 6514 "، ومسلم " رقم 7350 " وللحافظ ابن رجب رحمه الله جزء لطيف في شرح هذا الحديث.