إلى فائدة جليلة أخذها أهل العلم من هذا، ألا وهي: أنَّ الإسلام والإيمان إذا ذكرا معاً حمل الإسلام على الأعمال الظاهرة، والإيمان على الاعتقادات الباطنة. وإذا ذُكِر كلُّ واحد منهما مفرداً تناول الآخر. ولهذا جاء في حديث وفد عبد القيس أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال:""أتدرون ما الإيمان بالله وحده؟ قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وأن تعطوا من المغنم الخمس " [1]، ففسر لهم الإيمان بالأعمال الظاهرة، وهو شاهد على دخول الأعمال في مسمى الإيمان.
ولما ختم المصنف ـ رحمه الله ـ ذكر الأدلة على القدر، قال: " وفيه من الأدلة ما لو استقصيناه لأدى إلى الإملال "
" وفيه " أي: القدر.
" من الأدلة ما لو استقصيناه لأدى إلى الإملال " يعني أنَّ أحاديثه كثيرة جداً، وأهل العلم الذين كتبوا في القدر أوردوا كثيراً من هذه الأحاديث، مثل الإمامين البخاري ومسلم في كتاب القدر من صحيحيهما، وكذلك أصحاب السنن، وغيرهم من أهل العلم، بل من أهل العلم من أفرده بالتصنيف، كالفريابي في كتاب " القدر "، وابن وهب في كتابه " القدر وما ورد في ذلك من الآثار "، وابن القيم في كتابه العظيم " شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل ". [1] أخرجه البخاري " رقم 53 "، ومسلم " رقم 116 "