فاكتنفته أنا وصاحبي، أحدنا عن يمينه والآخر عن شماله، فظننت أنَّ صاحبي سيكل الكلام إليَّ فقلت: أبا عبد الرحمن! إنَّه قد ظهر قبلنا ناس يقرءون القرآن ويتقفرون العلم ـ وذكر من شأنهم ـ وأنهم يزعمون أن لا قدر وأنَّ الأمر أنف. فقال: فإذا لقيتَ أولئك فأخبرهم أني برئ منهم وأنهم براء مني. والذي يحلف به عبد الله بن عمر لو أنَّ لأحدهم ذهباً فأنفقه ما قبل الله منه حتى يؤمن بالقدر ثم قال: حدثني أبي: عمر بن الخطاب قال: بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم، إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب، شديد سواد الشعر، لا يرى عليه أثر السفر، ولا يعرفه منا أحد، حتى جلس إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فأسند ركبتيه إلى ركبتيه، ووضع كفيه على فخذيه، وقال: يا محمد أخبرني عن الإسلام. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الإسلام: أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلاً. قال: صدقت. قال: فعجبنا له يسأله ويصدقه. قال: فأخبرني عن الإيمان. قال: أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره. قال: صدقتَ ... " الحديث [1].
وساقه ابن عمر رضي الله عنه لأجل هذه الجملة " وأن تؤمن بالقدر خير وشره " فهو دال على أنَّ الإيمان بالقدر ركن من أركان الإيمان وأصل من أصول الدين، وأنَّه لا إيمان لأحد إلا بالإيمان بالقدر، وأنَّ من لم يؤمن بالقدر فلن يقبل الله عز وجل منه صلاة ولا صياماً ولا صدقة ولا فرضاً ولا نفلاً.
والكلام حول حديث جبريل والمعاني المستفادة منه يطول جداً، لكن أشير. [1] أخرجه مسلم " رقم 93 "