وحكى بعض العلماء من الحنفية وغيرهم الإجماع على أنه لا يستحب السفر من أجل زيارة القبر"1".
القبور مساجد، وإيقاد السرج عليها، واتخاذها أوثاناً، والطواف بها، واستلامها، والصلاة إليها"ثم ذكر الأحاديث التي فيها النهي عن هذه الأمور ولعن فاعلها، ثم قال:"تنبيه: عد هذه الستة من الكبائر وقع في كلام بعض الشافعية، وكأنه أخذ ذلك مما ذكرته من هذه الأحاديث، ووجه أخذ اتخاذ القبر مسجداً منها واضح؛ لأنه لعن من فعل ذلك بقبور أنبيائه، وجعل من فعل ذلك بقبور صلحائه شر الخلق عند الله يوم القيامة، ففيه تحذير لنا، ومن ثم قال أصحابنا: تحرم الصلاة إلى قبور الأنبياء والأولياء تبركاً وإعظاماً … وكون هذا الفعل كبيرة ظاهر من الأحاديث المذكورة لما علمت" انتهى كلامه – رحمه الله – بحروفه مختصراً. وقد نقل الألوسي الحنفي كلام الهيتمي هذا مقراً له مستحسناً له في تفسيره روح المعاني 8/225،226.
"1" قال البركوي الحنفي المتوفى سنة 981هـ في"زيارة القبور"ص22 عند كلامه على مفاسد الغلو في القبور:"ومنها السفر إليها مع التعب الأليم والإثم العظيم، فإن جمهور العلماء قالوا: السفر إلى زيارة قبور الأنبياء والصالحين بدعة، لم يفعلها أحد من الصحابة والتابعين، ولا أمر بها رسول رب العالمين، ولا استحبها أحد من أئمة المسلمين، فمن اعتقد ذلك قربة وطاعة فقد خالف السنة والإجماع – أي الإجماع على عدم الاستحباب – ولو سافر إليها بذلك الاعتقاد – أي اعتقاد أن السفر مستحب – يحرم بإجماع المسلمين، فصار التحريم من جهة اتخاذه قربة، ومعلوم أن أحداً لا يسافر إليها إلا لذلك".
وينظر: مجموع الفتاوى 4/520، و26/150، و27/13-385، الصارم المنكي ص109، 219،220، رحلة الصديق إلى البيت العتيق، لصدّيق حسن خان البخاري،