وبهذا يتضح اهتمام الشيخ -رحمه الله- بمعنى "لا إله إلا الله". واقتداؤه في تفسيرها بسلف هذه الأمة، وسلوكه مسلكهم من حيث إيضاح معناها غاية الإيضاح. وبيان أنها قاعدة الدين، ومنتهى غاية المؤمنين.
وقد كرر -رحمه الله- نحو هذا الكلام في عدة مواضع من كتابه أضواء البيان[1]. وفي غيره من كتبه[2].
وأذكر هنا من أقوال السلف مايعضد فهم الشيخ -رحمه الله- لمعنى "لا إله إلا الله" المشتملة على النفي والإثبات:
فمن ذلك: قول شيخ الإسلام ابن تيمية[3]-رحمه الله- بعد كلامه على إخلاص العبادة لله: "وذلك تحقيق شهادة أن لا إله إلا الله؛ فإنها تنفي عن قلبه ألوهية ماسوى الحق، وتثبت في قلبه ألوهية الحق، فيكون نافياً لألوهية كل شيء من المخلوقات، مثبتاً لألوهية رب العالمين، ورب الأرض والسماوات. وذلك يتضمن اجتماع القلب على الله وعلى مفارقة ماسواه؛ فيكون مفرقا –في علمه وقصده، في شهادته وإرادته، في معرفته ومحبته- بين الخالق والمخلوق؛ بحيث يكون عالماً بالله تعالى، ذاكرا له، عارفاً به. وهو مع ذلك عالم بمباينته لخلقه، وإنفراده عنهم، وتوحده دونهم، ويكون محباً لله، معظماً له، عابداً له، راجياً له، خائفاً منه، محباً فيه، موالياً فيه، معادياً فيه، مستعيناً به، متوكلاً عليه، ممتنعاً عن عبادة غيره، والتوكل عليه، والاستعانة به، والخوف منه، والرجاء له، والموالاة فيه، والمعاداة فيه، والطاعة لأمره، وأمثال ذلك مما هو من خصائص إلهيته [1] انظر: أضواء البيان 1/103، 2/47، 3/205، 267. [2] انظر: تفسير سورة النور –جمع د/عبد الله القادري- ص197.
ودفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب –الملحق بأضواء البيان 10/204، 225. [3] تقدمت ترجمته.