-رحمه الله- أنّ المعتزلة[1]وغيرهم[2]ذهبوا إلى أنه لا حقيقة للسحر[3]، وأنهم احتجوا بقوله تعالى: {يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى} [4]، وبقوله تعالى: {فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ} الآية[5].
وذهب الجمهور إلى أن منه ما له حقيقة، وليس خيالاً فقط كما توهم البعض.
ورجح الشيخ الأمين –رحمه الله- ما ذهب إليه الجمهور، وذكر شيئا من أدلتهم، فقال -رحمه الله-: "والتحقيق الذي عليه جماهير العلماء من المسلمين أن السحر منه ما هو أمر له حقيقة، لا مطلق تخييل لا حقيقة له. ومما يدلّ على أن منه ما له حقيقة قوله تعالى: {فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ} [6]؛ فهذه الآية تدل على أنه شيء موجود له حقيقة تكون سبباً للتفريق بين الرجل وامرأته. وقد عبر الله عنه بـ"ما" الموصولة وهي تدل على أنه شيء له وجود حقيقي. ومما يدل على ذلك أيضاً قوله [1] المعتزلة سموا بذلك لاعتزال رئيسهم واصل بن عطاء مجلس الحسن البصري. وقيل لاعتزالهم قول الأمة في دعواهم أن الفاسق من أمة الإسلام لا مؤمن ولا كافر. ولهم أصول خمسة اشتهروا بها: التوحيد، والعدل، والوعد والوعيد، والمنزلة بين المنزلتين، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
(انظر: الفرق بين الفرق ص 20، 114. والملل والنحل 1/43. وخطط المقريزي 2/345. والبرهان في معرفة عقائد أهل الأديان ص49) . [2] وممّن قال بهذا القول –كما ذكر الحافظ ابن حجر- أبو جعفر الاستراباذي –من الشافعية-، وأبوبكر الرازي –من الحنفية-، وابن حزم الظاهري (فتح الباري10/233) . [3] قال بذلك الزمخشري المعتزلي في الكشاف 2/103. وقد رد عليه ابن المنيّر في حاشية الكتاب المذكور، وبين خطأ هذا القول وأوضح معتقد أهل السنة والجماعة (وانظر: بدائع الفوائد 2/227) ، ومن المعاصرين أيضا من ينكر حقيقة السحر. [4] سورة طه، الآية [66] . [5] سورة الأعراف، الآية [116] . [6] سورة البقرة، الآية [102] .